كتاب وصايا العلماء عند حضور الموت لابن زبر الربعي
حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , نا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ , نا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى , عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا حُضِرَ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَدَعَاهُ لِيُوصِيَهُ , فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ -[35]-: §" اعْلَمْ أَنَّ لِلَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي النَّهَارِ حَقًّا لَا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ , وَاعْلَمْ أَنَّ لِلَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي اللَّيْلِ حَقًّا لَا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ , وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ نَافِلَةٌ حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ. وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ , فَيَقُولُ الْقَائِلُ: أَيْنَ يَقَعُ عَمَلِي مِنْ عَمِلِ هَؤُلَاءِ؟ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئِ أَعْمَالِهِمْ فَلَمْ يُثَرِّبْهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ بِأَسْوَأِ أَعْمَالِهِمْ , وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ عَمَلًا , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ أَعْمَالِهِمْ فَلَمْ يَقْبَلْهُ , وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ آيَةَ الرَّخَاءِ عِنْدَ آيَةِ الشِّدَّةِ , وَآيَةَ الشِّدَّةِ عِنْدَ آيَةِ الرَّخَاءِ , لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ رَاغِبًا رَاهِبًا , لِئَلَّا يُلْقِيَ بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ , وَلَا يَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ. وَاعْلَمْ أَنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ فِي الدُّنْيَا وَثِقَلِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ فِي الدُّنْيَا , وَخِفَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. فَإِنْ أَنْتَ قَبِلْتَ وَصِيَّتِي هَذِهِ , فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ - وَلَا بُدَّ مِنْ لِقَائِهِ - وَإِنْ أَنْتَ ضَيَّعْتَ وَصِيَّتِي هَذِهِ , فَلَا يَكُونَنَّ شَيْءٌ أَكْثَرَ بُغْضًا إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ وَلَسْتَ بِمُعْجِزِهِ "
الصفحة 34
146