كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

احتاج إليه منها وترك الباقى، فاشتراه مروان فلما كان في زيادة عثمان اشترى الجزء الباقى منها وأدخله المسجد.
وبالنسبة لدار جعفر فإن عمر رضى الله عنه اشترى نصفها بمائة ألف، وهنا يكون عثمان رضى الله عنه قد اشترى النصف الثاني بالسعر نفسه وادخله في المسجد، وبهذا يزول اللبس ويتضح الأمر.
اتخاذ المقصورة
... المقصود بناء مثل الغرفة، تبنى في المحل الذى يصلى فيه الإمام بالناس - أى مكان المحراب - ولم يكن ذلك معروفا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد أبى بكر وعمر رضى الله عنهما ثم أحدثت بعد ذلك واختلفت الروايات في أول من اتخذها.
... فابن زبالة وابن شبة بريان أن أول من اتخذها عثمان رضى الله عنه وأنه بناها باللبن وجعل فيها كوى - أى طاقات - ينظر الناس منها إلى الأمام (1).
وفى رواية عيسى بن محمد (أن عثمان بن عفان رضى الله عنه أول من وضع المقصورة من لبن، واستعمل عليها السائب بن خباب، وكان رزقه دينارين في كل شهر) (2).
وعن مالك بن أنس - رحمه الله - قال: (لما استخلف عثمان بعد مقتل عمر بن الخطاب عمل عثمان مقصورة من لبن فقام يصلى فيها بالناس خوفا من الذى أصاب عمر بن الخطاب رضى الله عنه وكانت صغيرة) (3).
وهذه الروايات مجتمعة تبين لنا من أى شئ صنعت المقصورة في عهد عثمان؟ وكيف بناؤها وحجمها؟ وأنه اتخذ لها حارسا أجرى عليه رزقا معلوما، ثم توضح السبب الذى من أجله اتخذ عثمان رضى الله عنه المقصورة.
يقول ابن النجار: (وبنى المقصورة بلبن، وجعل فيها كوة ينظر الناس منها إلى الإمام، وكان يصلى فيها خوفا من الذى أصاب عمر، وكانت صغيرة) (4).
ويزيد لنا العباسى شيئا جديدا في نوع البناء فهو يرى أن اللبن الذى بنى به عثمان المقصورة كان مطبوخا أى محروقا (5).
__________
(1) وفاء الوفا الجزء الثاني ص 510.
(2) المصدر السابق ص 511.
(3) المصدر والصفحة السابقان.
(4) أخبار مدينة الرسول ص 97.
(5) عمدة الأخبار ص 107.

الصفحة 105