كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ
رسالة المسجد
... لم يهتم الإسلام ببناء المساجد لتكون محلا لاقامة الصلاة فقط، فالأرض كلها مسجد للمسلمين، ولم تبن لتكون محلا للرهبنة والتبتل، فلا رهبانية في الإسلام، ولم تنشأ لتكون أماكن للعبادة وحلقات العلم فقط فالبيوت أماكن للعبادة والمدارس أمكنة لحلقات العلم ولكن المساجد تبنى لكل هذا ولأكثر منه.
... فالمساجد بيوت الله في الأرض، والجالسون فيها ضيوفه، ومن واجب الضيف أن يتأدب في بيت مضيفه، فإذا كان المسلم معلق القلب بالمساجد فهو دائما يستشعر حق الله عليه فيظل ملتزما للأدب من جانبه ـ سبحانه ـ وهذا هو أرقى أنواع المراقبة التى تكتسب من التزامها درجة رفيعة من التربية والتهذيب وتلك هي الوظيفة الأولى للمساجد.
1 - فالمسجد هو المدرسة التي تكتسب فيها النفوس تربية روحية باتصالها بالله ـ عز وجل ـ وعقلية بتأملها في مخلوقاته ـ وجسمية في المحافظة على الصلوات وتأدية حركاتها تامة متقنة، وتلك هى التربية الحقيقية، لأنها لم تهمل شيئا من جوانب الإنسان المختلفة.
ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه أمور دينهم في المسجد وكان ينزل عليه جبريل ـ عليه السلام ـ فيوجه إليه أسئلة توضح لهم جوانب مختلفة من أصل عقيدتهم.
عن عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قال:» بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله - صلى الله عليه وسلم - ـ إذ دخل علينا رجل شديد بياض الثوب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، فسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع يديه على فخذيه، وقال يا محمد، ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج بيت الله الحرام. قال: صدقت، فما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت فما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال:
الصفحة 11
216