كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

2 - وعنه في رواية أخرى قال: كان الوليد بن عبد الملك يبعث كل عام رجلا الى المدينة يأتيه بأخبار الناس، وما يحدث بها، قال: فأتاه في عام من ذلك فسأله، فقال:
لقد رأيت أمرا لا والله ما لك معه سلطان، ولا رأيت مثله قط.
قال: وما هو؟
قال: كنت في مسجدى النبى - صلى الله عليه وسلم - فإذا منزل عليه كلَّة، فلما أقيمت الصلاة رفعت الكلة، وصلى صاحبه فيه بصلاة الإمام هو ومن معه، ثم أرخيت الكلة، وأتى بالغداء فتغدى هو وأصحابه، فلما أقيمت الصلاة فعل مثل ذلك، وإذا هو يأخذ المرآة والكحل وأنا أنظر.
فسألت، فقيل: هذا حسن بن حسن.
قال: ويحك! فما أصنع، هو بيته وبيت أمه، فما الحيلة في ذلك؟
قال: فكتب إلى عمر بن عبد العزيز يأمره بالزيادة في المسجد، ويشترى هذا المنزل.
قال: فعرض عليهم أن يبتاع منهم فأبوا، وقال حسن: والله لا نأكل له ثمنا أبدا.
قال: وأعطاهم به سبعة آلاف دينار أو ثمانية آلاف فأبوا.
فكتب إلى الوليد بن عبد الملك في ذلك، فأمره بهدمه وإدخاله، وطرح الثمن في بيت المال، ففعل، وانتقلت منه فاطمة بنت حسين بن على إلى موضع دارها بالحرة فابتنتها. (1).
والذى يظهر عند التحقيق أن الرواية الثانية هى الصحيحة، لأن الوليد لما زار المدينة بعد حجه كان المسجد قد تم بناؤه، وكان ذلك في سنة إحدى وتسعين، ومعنى ذلك أن حجرات زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت قد هدمت، وأدخلت في بناء المسجد.
ويؤيد ذلك ما روى الطبرى في أحداث سنة إحدى وتسعين حيث قال: وحج بالناس في هذه السنة الوليد بن عبد الملك، ثم قال: فلما دخل المدينة غدا إلى المسجد
__________
(1) وفاء الوفا ج 2 ص 514.

الصفحة 113