كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ
صدقت، فمتى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها باعلم من السائل ولكن أخبرك عن أشراطها، أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال: صدقت ثم انصرف «.
... قال الرواى: فعجبنا له يسأله ويصدقه، فلما انصرف قال - صلى الله عليه وسلم -: أتدرون من السائل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال - صلى الله عليه وسلم - هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم.
والمسجد مأوى الغريب ونزل الضيف ومجلس الضعفاء، يجد فيه كل صنف من هؤلاء حاجته وطمأنينة نفسه، قد يقدم الانسان على قرية ليس فيها ما يأوى اليه الغريب من الفنادق أو نحوها فيجد المسجد وقد يقدم الضيف إلى محل لا مطاعم فيه فينزل في المسجد وعلى المسلمين ضيافته شرعا لمدة ثلاثة ايام.
المسجد مقر لقيادة الجيش حيث كانت تجتمع فيه الجيوش وتعقد الألوية، وتسند القيادات، وتصدر الأوامر، ثم تنطلق الجيوش على اسم الله تعالى غازية فاتحة.
والمسجد معبد الناسك هناك يجتمع عليه شتات قلبه المتناثر، ويجد روحه التائهة وتسكن نفسه الشاردة، هناك الى جوار الله يفرغ قلبه من هموم الدنيا ومشاغلها، وتشحن روحه شحنة ربانية تغسل أدران نفسه وتمحو خطايا جوارحه، فيقبل على الله بقلب سليم.
وكان المسجد دار للقضاء، تعرض فيه الدعاوى، وينظر فيها القضاة ويقبلون الأمر على وجوهه المختلفة، وينصت الخصمان خاشعين لأمر الله، ثم يصدر الحكم فتذعن له القلوب بالرضا والتسليم.
وكان المسجد دار للحكم، يجلس فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدون من بعده فيستقبلون الوفود، ويستمعون منهم، ويعرضون عليهم الإسلام، ويناقشونهم فيما عندهم من الآراء.
وكان المسجد دارا لمجلس الشورى تعرض فيه شئون الأمة، وما يعن لها من المشكلات وتناقش على ضوء الكتاب والسنة الأمور التي لم يرد فيها نص ن ثم يجمع فيها المسلمون على رأى ويكون ذلك حكما ماضيا في الناس.
تلك هى رسالة المسجد في عمومها وشمولها، لا تدع شيئا من شئون الدين إلا أحصته ولا أمرا من أمور الدنيا إلا وضحته وقررته.
الصفحة 12
216