كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

جدار الحجرة الشريفة، ولهذا جعلوا سمكه عند البناء أكبر من سمك الجدار الغربى.
... وكان للمسجد سقفان أحدهما فوق الآخر، فأما السقف السفلى فكان ارتفاعه خمسة وعشرين ذراعا أى ما يقرب من اثنى عشر مترا ونصف متر (1) ولعل الذين تولوا عمارة المسجد حرصوا على أن يكون له سقفان، حتى إذا سقط المطر غزيرا لا يتضرر المسجد، ولا يتأذى المصلون.
... وقد اهتم عمر بن عبد العزيز رحمه الله بجدار القبلة وسقف المقصورة التى سبق الكلام عليها حتى إن ابن عبد ربه ليصف لنا ذلك وصف المشاهد فيقول: (مسجد النبى - صلى الله عليه وسلم - بلاطاته في قبلته معترضة من الشرق إلى الغرب، في كل صف من صفوف عمدها سبعة عشر عمودا بين كل عمودين فجوة كبيرة واسعة، والعمدة في البلاطات القبلية بيض مجصصة، شاصة جدا، ـ أى عظيمة الارتفاع ـ سائر عمد المسجد رخام، والعمد المجصصة على قواعد عظيمة مربعة ورؤوسها مذهبة، عليها نجف وهى- رأس العمود - منقوشة مذهبة.
... ثم السموات - يعنى السقف- على النجف، وهى أيضا مذهبة، وقبالة المحراب مواسطة البلاطات بلاط مذهب كله، شقت به البلاطات من الصحن الى أن ينتهى إلى البلاط الذى بالمحراب ولا يشقه.
... وفى البلاط الذى يلى المحراب- أمام المحراب- تذهيب كثير، وفى وسطه سماء- سقف- كالترس المقدر مجوف كالمحراب مذهب) (2).
... وأما ابن جبير فقد وصف لنا أعمال الفسيفساء بالمسجد فقال: (النصف الأعلى من الجدار- يريد جدار القبلة- منزل كله بفصوص الذهب المعروفة بالفسيفساء، وقد أنتج الصناع فيه نتائج من الصنعة غريبة تضمنت تصاوير أشجار مختلفة الصفات، مائلة الأغصان بثمرها، والمسجد كله على هذه الصفة، لكن الصنعة في جدار القبلة أحفل، والجدار الناظر إلى الصحن مجردان أبيضان ومقرنصان، قد زينا برسم يتضمن أنواعا من الأصبغة) (3)
__________
(1) الدرة الثمينة ص 377.
(2) العقد الفريد جـ 3 ص 365.
(3) رحلة بن جبير ص 172.

الصفحة 124