كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

وقد أحدثت العمارة الأموية تغييرات في الحجرة الشريفة وكذلك في المنبر، كما أدخلت عنصرين على المسجد لم يعرفا فيه من قبل وهما المئذنة والمحراب.
... فأما التغيرات التى أحدثتها العمارة في المنبر فقد زيد في عدد درجاته حتى بلغ تسع درجات وكان ذلك على يد مروان بن الحكم والي معاوية على المدينة المنورة، ويصف ابن عبد ربه المنبر فيقول: (المنبر على يمين المحراب، في أول البلاط- يعنى الرواق- الثالث من المحراب في روضة مفروشة من الرخام، محجوز به حولها، وله درج، وسمر أعلاه لوج لئلا يجلس عليه أحد على الدرجة التى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجلس عليها، وهو مختصر ليس فيه من النقوش ودقة العمل ما في منابر زماننا الآن) (1).
وأما الحجرة الشريفة فقد بنيت جدرانها بالحجارة البازلتية المنحوتة، وليس بها أبواب، وبنى حولها سور مخمس الأضلاع، وأضلاعه غير متساوية، ولم ترتفع جدران السور إلى سقف المسجد، ولكنها كانت أوطأ منه بمقدار ذراعين، وكان بها شباك من الخشب.
... وأما سقف الحجرة الداخلية فقد غطى بمشمع- صيانة للحجرة من الأمطار، وكان حائط السور الغربى ملاصقا لجدرة الحجرة، وأما الحائط الشرقى فكان بينه وبين جدار الحجرة مقدار خمسين سنتيمترا من الجهة الشمالية، ويضيق من الجهة الجنوبية خمسة عشر سنتيمترا وحائط السور الجنوبى بينه وبين جدار الحجرة خمسون سنتيمترا من جهة الشرق، ويضيق من جهة الغرب حتى يبلغ عشرين سنتيمترا، وأما حائط الحجرة الشمالى فكان بينه وبين رأس المثلث الناشئ من السور مقدار أربعة أمتار.
... وحول الحجرة الشريفة من فوق سطح المسجد بنى سور حتى لا يتمكن أحد من السير عليها (2).
__________
(1) العقد الفريد جـ2 ص366.
(2) المصدر السابق.

الصفحة 125