المحراب والمنارات والشرفات
... قلنا فيما سبق إن العمارة الأموية أحدثت عنصرين جديدين في المسجد وهما المحراب والمئذنة وسنتكلم عليهما بعد الكلام على الشرفات.
... فأما الشرفات: فالمراد بها ما برز من البناء على جدران صحن المسجد من جوانبه الأربعة، وكان بين الشرفات فتحات تشبه الشبابيك، وهذه الشرفات لم تكن في المسجد النبوى الشريف ويظهر كذلك أنها لم تعرف في عمارة الوليد، وإنما أحدثت في عهد يزيد بن عبد الملك، روى السمهودى عن ابن زبالة قال: ولم يكن للمسجد شرفات حتى عملها عبد الواحد بن عبد الله النضرى وهو وال على المدينة سنة أربع ومائة (1).
... وكان السابقون يتورعون عن اتخاذ الشرفات في المسجد لما روى البيهقى في سننه عن أنس بن مالك رضى الله عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ابنوا المساجد، واتخذوها جماء).
... وأما المناورات: فقد أحدثها عمر بن عبد العزيز، فجعل في كل ركن من اركان المسجد مئذنة، وكانت احدى المنارات الأربع مطلة على بيت مروان بن الحكم، وهو منزل الخلفاء بنى أمية عندما يأتون إلى المدينة، فلما حج سليمان بن عبد الملك في خلافته، أطل عليه المؤذن، فأمر سليمان بهدم هذه المئذنة فهدمت حتى سويت بظهر المسجد (2).
... وظل المسجد بالمنارات الثلاث، وحدد ابن زبالة طول كل مئذنة حيث قال: طول المنارة الشرقية اليمانية في السماء خمس وخمسون ذراعا، والمنارة الشرقية الشامية خمس وخمسون ذراعا، والمنارة الغربية الشامية ثلاث وخمسون ذراعا.
... كذلك حدد لنا عرض المنارات، فأفاد بأن عرض كل منارة أربعة أمتار في أربعة أمتار.
ولم تكن المنارات معروفة في بناء المساجد حتى أحدثها عمر بن عبد العزيز في
__________
(1) العقد الفريد جـ2 ص366.
(2) المصدر السابق ص 526.