كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

عمارة الوليد ولكن يبدو أن لها أصلا وإن لم تتخذ في عهد الرسول ولا في عهد الخلفاء الراشدين فقد روى ابن اسحاق والبيهقى وأبو داوود أن امرأة من بنى النجار قالت: كان بيتى من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر كل غداة، فيأتى بسحر، فيجلس على البيت لينظر إلى الفجر، فاذا رآه تمطى، ثم قال: اللهم إلى احمدك، واستعينك على قريش أن يقيموا دينك.
... قالت: ثم يؤذن.
... فأذان بلال على هذا المكان المرتفع دليل على جواز اتخاذ المنارة والأذان عليها ولم تكن مئذنة المسجد النبوى أول مئذنة عرفت في المساجد بل سبقتها منارة جامع البصرة الذى بنى عام 45 هـ-665 م والتى اقامها زياد بن أبيه في خلافة معاوية بن ابى سفيان رضى الله عنه.
... كذلك وجدت نماذج للصوامع في جامع عمرو بن العاص عندما وسعه مسلمة ابن مخلد والى مصر في عهد معاوية، وكانت تلك التوسعة في عام 53 هـ- 672 م (1).
... وأما المحراب: فهو في اللغة صدر المجلس والمكان الرفيع من الدار، وقد وردت كلمة محراب ومحاريب في القرآن الكريم بمعان مختلفة، ولكنها لم ترد مطلقا بالمعنى المعروف حاليا وهو الحنية التى تكون في صدر المسجد، واستعمالها بهذا المعنى يستبعد أن يكون من أصل عربى، ولعل هذا هو السبب في أن علماء اللغة السامية نسبوا اللفظة إلى اللغة الحميرية، وقالوا إنها دخلت اليمين عن طريق الحبشة، حيث كانت تطلق كلمة مكراب على الكنيسة أو المعبد أو الحنية الى يوضع بها التمثال (2).
... ولكننا نستطيع أن نجد لها أصلا عربيا، فقد قال علماء اللغة: إن المحراب هو صدر المجلس حتى قال الجوهرى في الصحاح مادة حرب: المحاريب صدور المجالس، ومنه سمى محراب المسجد.
.. وذلك لأن محراب المسجد في صدر المسجد، وهو أكرم مكان فيه حيث هو موقف الامام، ومكان تصدره للمأمونين، وبهذا المعنى تكون الكلمة عريبة الأصل، ولا داعى مطلقا لأن ننقلها من كلمة مكراب الحبشية كما قال علماء اللغات السامية.
__________
(1) المدينة المنورة تطورها العمراني ص 72 صالح لمعى مصطفى.
(2) المساجد لحسين مؤنس ص 76، 77 وصالح مصطفى المدينة المنورة تطورها العمراني ص 73.

الصفحة 127