وأن الفراغ منه كان في سنة خمس وستين ومائة، وتكون مدة العمل بالمسجد خمس سنوات.
وقد هدم المهدى زيادة الوليد الشمالية وأعادها مع زيادة قدرت بخمس وخمسين ذراعا على الصحيح، وأدخل تعديلات كثيرة على هذا الجزء من المسجد ونقشه بالفسيفساء، وقد وجدت شواهد على ذلك في مؤخر المسجد عند المنارة الشمالية الغربية، وكذلك في الحائط الغربى القريب من هذه المنارة، حيث شوهدت بقايا الفسيفساء (1).
وجعل المهدى للمسجد أربعة وعشرين بابا، ثمانية منها بالحائط الغربى (ناحية السوق) وثمانية بالحائط الشرقى، وأربعة بالحائط الشمالى، وأربعة بحائط القبلة: باب يدخل منه الأمراء ناحية دار مروان، وباب يسار القبلة يدخل منه إلى المقصورة باب يمين القبلة (باب بيت القناديل)، وباب في قبلة المسجد يخرج منه السلطان إلى المقصورة (2).
وأمر المهدى بهدم المقصورة الأموية، وخفضت إلى مستوى المسجد بعد أن كانت مرتفعة ذراعين عن وجه المسجد، كذلك هَمَّ بسد خوخة آل عمر، فكلمه آل عمر في الخوخة حتى كثر الكلام بينهم، فأذن لهم ففتحوها، وعملوا لها درجا يؤدى الى سرداب يوصل الى الرواق الثانى، لأن الرواق الأول وهو الذى يلى القبلة مباشرة كانت أقيمت عليه مقصورة من الخشب تكنفه طولا من غرب إلى شرق (3).
ويبدو أن المهدى لم يهدم مآذن المسجد، بل تركها على ما كانت عليه، حيث يفيد ابن جبير الرحالة الذى زار المسجد سنة 580هـ - 1184م، بأن للمسجد ثلاث صوامع إحداها في الركن الشرقى المتصل بالقبلة، والاثنتان في ركنى الجهة الجوفية صغيرتان كأنهما على هيئة برجين (4).
وابن النجار يؤيد كلام ابن جبير، ويبين أن ارتفاع كل مئذنة حوالى خمس وخمسين ذراعا وقاعدتها مربعة ثمانى اذرع في ثمانى اذرع (5).
__________
(1) وفاء الوفا جـ2 ص 540.
(2) المدينة المنورة تطورها العمراني ص 76.
(3) وفاء الوفا جـ2 ص 512.
(4) رحلة ابن جبير جـ2 ص512.
(5) الدرة الثمينة ص 377.