كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

وهذه الذرعة للمآذن الثلاث نفسها التى ذكرها ابن زبالة في مآذن المسجد الأموى حيث قال: ولمسجد النبى - صلى الله عليه وسلم - ثلاث منارات طول كل منارة ستون ذراعا، وقال في موضع آخر: وطول المنارة الشرقية اليمانية -الجنوبية - في السماء خمس وخمسون ذراعا، والمنارة الشرقية الشامية -الشمالية- خمس وخمسون ذراعا، والمنارة الغربية الشامية -الشمالية- ثلاث وخمسون ذراعا، وعرض المنارات ثمانى أذرع في ثمانى أذرع (1)
وهذا يدل على أن المنارات التى بقيت في عمارة المهدى هى المنارات الأموية، وقد رجح ابن النجار ذلك.
توسعة المهدى: يقول المؤرخون: عن المهدى قد زاد في المسجد مائة ذراع من ناحية الشام ولم يزد في القبلة، ولا في المشرق والمغرب شيئا، وذلك عشر أساطين في صحن المسجد إلى سقائف النساء، وخمس سقائف النساء الشامية (2).
ونحن إذ أخذنا بهذا القول على عواهنه لكان طول المسجد بعد زيادة المهدى ثلاثمائة ذراع، فقد علمنا أنه بلغ في زيادة الوليد مائتى ذراع، ولو زاد المهدى مائة ذراع لبلغ طوله ثلاثمائة، ولكن السمهودى يخبرنا أنه ذرع المسجد بنفسه فبلغ طوله ثلاثا وخمسين ومائتى ذراع -253 - ذراعا (3).
وأما الأستاذ صالح مصطفى فيقول: إن طول المسجد بعد زيادة المهدى حوالى 255 ذراعا فقط (4)، وعلى هذا فإن زيادة المهدى لم تتجاوز خمسة وخمسين ذراعا، فكيف نوقف بين هذا القول، وقول المؤرخين بأنه زاد فيه مائة ذراع؟
أقول: لقد سبق وأشرت إلى أن المهدى قد هدم زيادة الوليد، وجددها مع زيادته فبلغت بذلك مائة ذراع، ولما بلغ طول المسجد بعد زيادة الوليد مائتى ذراع، وكان طوله بعد زيادة عثمان رضى الله عنه مائة وستين ذراعا، علمنا أن زيادة الوليد بلغت أربعين ذراعا، فإذا ضممنا زيادة الوليد إلى زيادة المهدى بلغت مائة
__________
(1) وفاء الوفا جـ2 ص527.
(2) المصدر السابق ص536، 537.
(3) وفاء الوفا جـ2 ص537.
(4) المدينة المنورة تطورها العمراني ص76.

الصفحة 136