صاعقة ضربت المنارة الجنوبية الشرقية، فأطاحت جزءا كبيرا منها قدره السمهودى بالثلث، وتسبب عن ذلك احتراق المسجد، واحتراق مافيه (4).
... ويروى السمهودى القصة فيقول: وذلك أن رئيس المؤذنين، وصدر المدرسين الشمس شمس الدين محمد بن الخطيب قام يهلل حينئذ بالمنارة الشرقية اليمانية - الشمالية الشرقية - المعروفة بالرئيسية، وصعد المؤذنون بقية المنائر، وقد تراكم الغيم، فحصل رعد قاصف أيقظ النائمين، فسقطت صاعقة أصاب بعضها هلال المنارة المذكورة، فسقط في المسجد وله لهب كالنار، وانشق رأس المنارة وتوفى الرئيس المذكور لحينه صعقا، ففقد من كان على بقية المنائر صوته، فنادوه فلم يجب، فصعد اليه بعضهم فوجده ميتا.
... وأصاب ما نزل من الصاعقة سقف المسجد الأعلى بين المنارة الرئيسية وقبة الحجرة النبوية فثقبه ثقبا كالترس، وعلقت النار فيه وفى السقف الأسفل، ففتح الخدام أبواب المسجد قبل الوقت المعتاد، وقبل إسراجه، ونودى بالحريق في المسجد.
... فاجتمع أمر المدينة وأهلها بالمسجد الشريف، وصعد أهل النجدة منهم بالمياه لإطفاء النار وقد التهبت سريعا في السقفين، وأخذت لجهة الشمال والغرب، فعجزوا عن إطفائها، وكلما حاولوه لم تزد إلا التهابا واشتعالا، فحاولوه قطعها بهدم بعض ما أمامها من السقف فسبقتهم لسرعتها.
... وتطبق المسجد بدخان عظيم، فخرج غالب من كان به، ولم يستطيعوا المكث فكان ذلك سبب سلامتهم، وهرب من كان بسطح المسجد إلى شماليه، ونزلوا بما كان معهم من حبال الدلاء التى استقوا بها بخارج المسجد على الميضأة والبيوت هناك وما حول ذلك، وسقط بعضهم فهلك، ونزل طائفة منهم الى المسجد من الدرج فاحترق بعضهم ولجأ بقيتهم إلى صحن المسجد مع من حالت النار بينه وبين أبواب المسجد ممن كان أسفل.
... ثم قال: ومات جماعة تحت هدم الحريق من الفقراء وسودان المدينة، وجملة من مات بسبب ذلك بضع عشرة نفسا (1).
__________
(1) وفاء الوفا جـ2 ص633، 634.