ولم تكد عمارة المسجد النبوى تتم حتى ظهرت في القبة تشققات ومالت المئذنة الرئيسية فغضب السلطان لذلك الإهمال مع كثرة النفقة، فعزل سنقر الجمالى، وولى مكانه شاهين الجمالى وكان معروفا بحسن الخلق وإصابة الرأى مشهورا بالنبل والفضل، فأسند اليه مهمة إصلاح المنارة والقبة، وأسند إليه مشيخة الحرم.
... وحضر الأمير شاهين إلى المدينة فجمع أهل الرأى واستشارهم في أمر القبة والمنارة، فاجتمع الرأى على هدم المنارة، فهدمها ثم حفر أساسها حتى بلغ به الماء، وبناها بالحجارة السود واحكم بناءها، وأما القبة فقد عزم على هدمها وبنائها كذلك، فجعل تحتها سقفا من الخشب حتى لا يسقط شئ من الهدم داخل الحجرة الشريفة، ثم بدأ في الهدم.
... وجعل للعمال طريقا من خارج المسجد إلى القبة مباشرة بعمل سقالات إلى سقف المسجد من الناحية الشرقية يمشى عليها العمال، ويؤدون أعمالهم، وعمل حاجزا لمحل المنارة حتى لا يكون العمل فيها من داخل المسجد ليصونه من الامتهان بعمل أرباب الصنائع (2).
أوقاف السلطان قايتباي على أهل المدينة
... لما حج السلطان الأشرف قايتباى شرع في شراء أماكن لتكون وقفا على أهل المدينة، فأمر بشراء دور في غربى الحرم وقبلته، والشروع في بناء رباط ومدرسة، وشرعوا كذلك في بناء رباط آخر بدل رباط الحصن العتيق، وفى حمام مقابل هذا الرباط، واستأجروا أرض الحمام من ناظر الميضأة التى بباب السلام (1).
... وكذلك شرعوا في عمارة طاحون وسبيل وفُرن ومطبخ للدشيشة وجعل ذلك وقفا يحمل إلى المدينة المنورة ليفرق على أهلها، ويعمل منه سماط كسماط الخليل عليه السلام يمد للناس وعليه الطعام يأكل منه من يريد، وبذل لذلك ستين ألف دينار.
__________
(1) وفاء الوفا جـ2 ص 639 - 644.
(2) وفاء الوفا جـ2 ص 646، 647.