كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

ويقلون فيه أخرى بحسب من يتزوج منهم، أو يموت، أو يسافر) (1).
وكان المسجد مقرا لقيادة الجيش تصدر منه الأوامر، وتعبأ فيه القوات، ويحرسه الجنود بالسلاح، يقول صاحب السيرة الحلبية وهو يتكلم عن غزوة أحد:
(وحرست المدينة، وبات سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وسعد بن عبادة وعليهم السلاح في المسجد بباب رسول الله (حتى أصبحوا) (2) ويقول في مكان آخر: (فلم يزالوا برسول الله (حتى وافق على ذلك، فصلّى الجمعة بالناس ثم وعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم ففرح الناس بذلك ثم صلى بالناس العصر وقد حشدوا ـ أى اجتمعوا ـ وقد حضر أهل العوالى ثم دخل رسول الله (ـ بيته ومعه أبو بكر وعمر ـ رضى الله عنهما ـ فعمماه ولبساه وصف الناس ينتظرون خروجه) (3).
والمسجد معبد الناسك، يجد فيه راحة نفسه وطمأنينة قلبه، وكان - صلى الله عليه وسلم -» إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة» (4).
وكان يقول: (أرحنا بالصلاة يا بلال ويقول في حديث آخر: (وجعل قرة عينى في الصلاة) (5).
وكان دارا للقضاء يحضر فيه الخصمان، وتسمع شكواهما ويفصل بينهما، وفي القرآن الكريم: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله اليك) (6).
روى الأشعث بن قيس قال: كان بيني وبين رجل من اليهود أرض، فجحدني، فقدمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (ألك بينة؟ قلت: لا .. قال لليهودى: احلف، قلت: يا رسول الله إذن يحلف ويذهب بمالى، فأنزل الله تعالى: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) الآية (7).
وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا يحلف أحد عند منبرى هذا على يمين آثمة؛ ولو على سواك أخضر، إلا تبوأ مقعده من النار أو وجبت له النار) (8).
__________
(1) سمط النجوم العوالي الجزء الأول ص315.
(2) السيرة الحلبية الجزء الثاني ص 230.
(3) المصدر السابق ص231.
(4) فتح القدير الجزء الأول ص81 مطبعة الحلبي.
(5) مجمع الفوائد الجزء الأول ص52.
(6) المائدة الآية 49.
(7) مشكلة المصابيح الجزء الثاني ص344 المكتب الإسلامي
(8) المصدر السابق ص 345.

الصفحة 15