كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ
وعن أبي الزناد قال: كنت مع عبد الحميد بالكوفة، وكان يقضى باليمين مع الشاهد فأنكر عليه ناس من أهل الكوفة، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز فكتب عمر بن عبد العزيز أن اقضى باليمين مع الشاهد فقام شيخ من كبرائهم فقال: شهدت شريحا يقضى باليمين مع الشاهد في هذا المسجد) (1).
وكذلك كان المسجد دارا للحاكم يستقبل فيه الوفود القادمين إلى المدينة، قال ابن اسحاق: وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأشعث بن قيس في وفد كندة، فحدثني الزهري بن شهاب أنه قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمانين راكبا من كندة فدخلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجده، وقد رجلوا جميعهم وتكحلوا عليهم جبب الحيرة، وقد كففوها بالحرير، فلما دخلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ألم تسلموا؟ قالوا بلى، قال: فما بال هذا الحرير في أعناقكم قال: فشقوه منه، فألقوه) (2).
وكذلك كان المسجد مقرا لمجلس الشورى. يتشاور فيه الخليفة مع مجلس الشورى في أمر المسلمين عملا بقوله تعالى: (وشاورهم في الأمر) (3).
روى أن عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قال على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما بعد أيها الناس، إنه نزل تحريم الخمر، وهى من خمسة، من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير (4).
كما روى أنه ـ رضى الله عنه ـ استشار الناس في حد الخمر، فقال عبد الرحمن ابن عوف ـ رضى الله عنه ـ (اجعله كأخف الحدود ثمانين) وقال على بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه - (إنه اذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فحده حد المفترى) (5).
بهذا العرض السريع وبذكر هذه الأمثلة يتضح لنا أن المسجد في الإسلام قد أدى رسالته كاملة، وقام بالدور الذى نيط به على أحسن وجه فكان المسجد مركز إشعاع سعد الناس في ظله بحياة هنيئة هادئة ونعموا بالأمن في مجتعاتهم، والرخاء في عيشهم، وأضاء لهم سبل الحياة، فبدد ظلامها، وأزاح عنهم ضلال العقيدة وخرافات الجاهلية تحقيقا لقوله - عز من قائل -: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) (6).
__________
(1) المطالب العلمية الجزء الثاني ص 252.
(2) السيرة النبوية لابن هشام الجزء الرابع ص 232 مصطفى الحلبى.
(3) سورة آل عمران الآية 159 المكتب الاسلامى.
(4) مطالب أولى النهى الجزء السادس ص 211 المكتب الاسلامى.
(5) المصدر السابق ص 212.
(6) سورة الجن الآية 18.
الصفحة 16
216