كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

الفصل الأول خلوا سبيلها فإنها مأمورة
المسجد النبوى هو المسجد الثاني الذي بناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السنة الأولى من الهجرة، والأول هو مسجد ـ قباء ـ الواحة التى نزل فيها الرسول بعد الهجرة وأقام فيها الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، ثم توجه إلى المدينة ضحى الجمعة والصحابة رضوان الله عليهم - كل يريد أن يأخذ بزمام ناقته ليكون ضيفه ونزيله، وهو - صلى الله عليه وسلم - يقول: (خلوا سبيلها فإنها مأمورة) والناقة تتلفت يمينا وشمالا، وتدير رأسها خلفها كأنها تبحث عن شئ حتى وصلت دار أبي أيوب الأنصاري، وهناك بركت فقال - صلى الله عليه وسلم - (هنا المنزل إن شاء الله تعالى).
جاء في مختصر السيرة: (بركت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موضع مسجده، وهو يومئذ يصلى فيه رجال من المسلمين، وكان مربدا لسهيل وسهل غلامين يتيمين من الأنصار، وكانا في حجر أسعد بن زرارة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هذا إن شاء الله المنزل) (1).
وفي سمط النجوم العوالى: (ثم ركب صلى الله عليه وسلم ناقته القصواء، والناس عن يمينه وشماله وخلفه منهم الراكب ومنهم الماشى، فاعترضه الأنصار، فلا يمر بدارا إلا قالوا: هلم إلى العز والمنعة والثروة، فيقول لهم خيرا، ويدعوا لهم، ويقول: (إنها مأمورة خلوا سبيلها) (39). ويقول: ثم مر ببنى عدى بن النجار أخوال جده عبد المطلب، فقام إليه ابو سليط وصرمة بن أبي أنيس فقالا: يا رسول الله نحن أخوالك هلمّ إلى العدد والمنعة والقوة والقرابة، لا تجاوزنا إلى غيرنا، ليس أحد من قومنا أولى بك منا لقرابتنا لك، فقال: (خلوا سبيلها فإنها مأمورة) فسارت حتى استناخت في موضع المسجد، فلم ينزل عن ظهرها، فقامت ومشت قليلا وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يهيجها، ثم التفتت فكرت راجعة إلى مكانها الأول، وبركت به ووضعت جرانها على الأرض فنزل عنها) (4) وهمّ - صلى الله عليه وسلم - ببناء مسجده الشريف، واختار المكان الذي بركت فيه
__________
(1) سورة التوبة الآية 108. (2) مختصر سيرة الرسول ص 176 المطبعة السلفية.
(3) سمط النجوم العوالى الجزء الأول ص 310 المطبعة السلفية. (4) المرجع نفسه ص 311.

الصفحة 17