كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

وظائف الحرم وعادات وتقاليد
... منذ أن آلت أمور المسلمين إلى الدولة العثمانية، وهى توالى اهتمامها بالحرمين الشريفين، وهذا الاهتمام كان وليد عاطفة جياشة تفيض بحب المقدسات الإسلامية، والرغبة في تخليد الآثار التى خلفها المسلمون الأولون، ولكن تلك العاطفة، وهذه الرغبة كانت خالية تماما من الوعى الدينى الدينى الذى كان لا بد أن يتحكم في كل عمل له صلة بالأمور الشرعية.
... فكثيرا ما تنزع العاطفة إلى أمور يحسبها الانسان من الدين، بل قد يغلب على ظنه أنها من أقرب القربات إلى الله عز وجل وهى ليست كذلك وذلك عادة يحصل عند فقد الوعى الدينى، وعجز الذين في مقدورهم التذكير به، أو مجاملتهم لمن في أيديهم مقاليد الأمور خوفا على مناصبهم، ورغبة في التقرب إليهم وتلك نكسة أصيب بها المسلمون منذ تطلعت قلوبهم إلى الدنيا، ونسوا حظهم عند الله عز وجل وهؤلاء وأولئك ليس لهم عذر عند الله عز وجل فقد كان من واجب الذين لا يعرفون أن يسألوا، وكان على الذين يعرفون أن يذكروا ويحذروا، على كل حال كان في المسجد من الوظائف والعادات ما لا يقره الإسلام، إما لأنه بدعة بعيدة عن روح الاسلام مجافيه لتعاليمه، وإما لأنه من الإسراف الذى نهى عنه الدين.
... وسأتناول في هذه السطور تلك الوظائف، وهذه العادات ليقف القارئ الكريم على مدى مجانبة هذه الوظائف للواقع الذى يحتاج إليه الحرم النبوى الشريف، وأما العادات فلو لم تكن في الحرم لكان منها المقبول، ومنها المرفوض.
... فأما الوظائف فهى حسب ترتيبها في المنزلة كالآتى:
1 - شيخ الحرم، وكان يختار من رجال السراية الذين ترقوا إلى رتبة قزلار اغاس (أي مسئول عن الحريم في القصر) ثم عدل عن ذلك وأصبح يختار من الوزراء الذين من العائلة السلطانية، وأحيانا يكون من السلك العسكرى برتبة مشير أو فريق، ووظيفته إدخال الشمعدان الذى يوضع عند الرأس الشريف قبل الغروب.
2 - نائب شيخ الحرم وهو من الأغواث، ولكنه يكون دائما من رجال السراية

الصفحة 175