كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

وأما صلاة التراويح فهى على الرسم الآتى:
... يؤذن المؤذنون لصلاة العشاء الساعة الثانية وعشر دقائق بالتوقيت الغروبى، فإذا صارت الاسعة الثالثة إلا ثلثا يصلى غمام الحنيفة - وهى الجماعة الكبيرة - فاذا انتهى من صلاته قامت التراويح في الحرم، ويظهر المصلون في مجموعات تصل الى خمسن جماعة، كل جماعة على إمام بين يدى كل إمام شمعدانان كبيران يوقدان بشمعتين، وأئمة الحكام مع الشمعدانين فوانيس تضاء بشمع السَّمك، وتعلق القناديل بالمنائر والأشجار المنصوبة في الرملة وجوانب الحديقة، وكل هذه الإضاءة من مخزن الزيت دون أن يُكلف أحد شيئا (1).
... وهذه الجماعات الخمسون منهم من يصلى التراويح بختم المصحف، ومنهم من يصلى بسور من القرآن، ومنهم من يصلى بآيات منه، وأئمة المحاريب الثلاثة يصلون بختم القرآن وكلما صلى إمام منهم الفرض انتظر حتى يصل الآخر، فإذا انتهى الأئمة الثلاثة من صلاة العشار قامت التراويح في كل محراب، ويختم إمام المالكية القرى، ليلة خمس وعشرين من رمضان والشافعى يختم ليلة سبع وعشرين، والحنفى يختم ليلة تسع وعشرين (1).
... وبعد الانتهاء من صلاة التراويح تطفأ الشمعات الكبار التى في الحجرة، وتبقى الشموع العشر الأخريات ولا تخرج إلا بمراسم خاصة، يخرجها كل جماعة في ليلة من ليالى الشهر ويستمر ذلك حتى تمام الشهر ويكون إخراجها بعد صلاة التراويح، وهكذا يكون الأمر دائما حتى نهاية الشهر، ويبقى الحرم الشريف مفتوحا، وتظل قناديله مضيئة حتى صبح يوم العيد، وصلاة العيدين: الفطر والأضحى تكون في الحرم الشريف، حتى إن الحرم يزدحم بأهل المدينة وقراها (1).
تطييب الحجرة وغسيلها
.. وفى ليلة تسع عشرة من ذى القعدة في كل عام تُطَّيب الحجرة الشريفة، فَيُؤتى بالصندل -وهو نوع من الطيب جيد الرائحة -فيُدق، ويعجن بماء الورد والعنبر وعطور الورد، ويوضع في تباسٍ من الذهب والفضة، وله مكبات -أغطية- من ذهب وفضة، وغرابيل من ذهب وفضة ويخمر كالعجين في دار شيخ الحرم، ويقوم
__________
(1) وصف المدينة ص 74.

الصفحة 179