كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

خاتمة

... وبعد: فهذه خلاصة تاريخية لمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قصدت فيها إلى تحرير الروايات، واستخلاص الحقائق، وكتابة تاريخ هذا المسجد العظيم متناولا الأطوار التى مر بها من بداية اختيار المكان إلى طريقة البناء إلى تحديد مساحته ثم تسقيفه وفرشه حتى كانت التوسعة الجديدة في عام سبعة من الهجرة بعد غزوة خيبر.
... وكانت هذه التوسعة إيذانا بعهد جديد للمسجد المبارك، حيث اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه المنبر وتطور تحددت الروضة الشريفة، وعرف المسلمين الأساطين التى لها ميزاتها وخصائصها، وبلغت مساحة المسجد في عهده - صلى الله عليه وسلم - 3876 م2.
... وفى عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضى الله عنه مر المسجد بطور ثالث، فكانت التوسعة الهائلة في سنة سبع عشرة من الهجرة مع المحافظة على الهيئة الأصلية للمسجد، وفرش عمر للمسجد، وأكثر الإضاءة فيه، وجمع الناس على إمام واحد في صلاة التروايح، وزاد عدد أبوابه لتتناسب مع توسعته وكثرة المسلمين ومنع إنشاد الشعر فيه، وبنى مكانا خاصا سماه بالبطحاء لمن يريد أن يلغط أو ينشد شعرا، أو يتكلم بكلام لا يستفيد منه المسلمون في عباداتهم.
... ثم كانت الفائدة العظمى التى أفادها المسلمون من هذه التوسعة وهى معرفتهم أن كل ما يزاد في المسجد له حكم المسجد من حي ثالحرمة ومضاعفة الأجر، عرف ذلك من قول أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه بعد ما انتهى من زيادة المسجد قال: (لو مددناه إلى الجبانة لكان مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وبلغت مساحة المسجد في عهده رضى الله عنه 4977 م2 ثم كانت خلافة عثمان رضى الله عنه وشكا المسلمون ضيق المسجد وحاجتهم إلى توسعته، فاستشار رضى الله عنه المسلمين، فاستحسنوا ما عرض عليهم، فأمر بهدم المسجد وطور بناءه، فبناه بالحجارة والقصة، وجعل عمده الحجارة بداخلها عيدان الحديد والرصاص، وكان ذلك سنة تسع وعشرين من الهجرة، وأشرف على البناء بنفسه.

الصفحة 205