وكان رضى الله عنه لا يبرح المسجد، يصلى بالعمال إذا حضرت الصلاة، وربما نام في المسجد، ولم يكد ينتهى من بنائه حتى شنت عليه حملة نقد شديدة قاسية، قابلها بصدر رحب، وبين للمنقدين وجهة نظره، ودافع عنها حسب اعتقاده، واتخذ المقصورة حتى لا تتكر مأساة الخليفة الثاني رضى الله عنه وبلغت مساحة المسجد في عهده رضى الله عنه 5492 م2.
... وفى عهد الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموى بنى المسجد من جديد، وأحدث فيه ما لم يحدثه أحد قبله، وذلك حي ثأمر بهدم حجرات أمهات المؤمنين وإدخالها في المسجد، وبذلك يكون قد أحدث التوسعة في الجهات الثلاث الشرق والغرب والشمال، وزين المسجد وزخرفه، وكسا جدار القبة بالفسيفساء، وأتى فيه الصناع بفنون من الصنعة بديعة ورائعة، وبلغت مساحة المسجد في عهده 7500م2.
... فلما كانت الدولة العباسية هَمَّ المنصور بتعمير المسجد، ولكنه لم يفعل، فلما ولى المهدى أمر بتوسعة المسجد وكانت توسعته من الجهة الشمالية - أى مؤخرة المسجد - وبلغت مساحة المسجد في عهده 9303 م2.
... واحترق المسجد مرتين في عهد المماليك فاعادوا بناءه وإصلاح ما خرب منه، واحدثوا فيه أمورا لم تعرف فيه قبل ذلك فأقام الظاهر بيبرس مقصورة حول القبر الشريف، وعمل الناصر محمد بن قلاوون قبة فوق القبر، وأنشأ ميضأة عند باب السلام، وأما السلطان قايتباى فقد بنى المسجد كله بعد الحريق، وأوقف على المسجد وأهل المدينة أوقافا عظيمة، وبلغت مساحة المسجد في عهده 9429 م2.
... وفى العصر العثمانى توالت اهتمامات الخلفاء بالمسجد، وفى عهد السلطان عبد المجيد جدد المسجد ووسعه من الجهة الشمالية، وبنى مؤخرة كتاتيب لتعليم الصبيان القرآن الكريم، ومبادئ القراءة والكتابة، وزخرف جدار القبلة بالمرمر والبورسلان، وكتب عليه بالخط النافر آيات من القرآن المجيد، واهتم السلاطين بالحجرة الشريفة، وأهدى إليها الأمراء والولاة الهدايا الثمينة؛ وجلبت إليه القناديل والثريات بأنواعها المختلفة، وبلغت مساحة المسجد في عهد السلطان عبد المجيد خان رحمه الله - 10342 م2.