كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

وعن الزهرى: (وكان عثمان بن مظعون رجلا متنظفا، فكان يحمل اللبنة في ثوبه فإذا وضعها نظف كمه، ونظر إلى ثوبه، فان أصابه شئ من التراب نفضه، فنظر إليه على بن أبي طالب فأنشأ يقول:
لا يستوى من يعمر المساجد ... يدأب فيها قائما وقاعدا
ومن يرى عن التراب حائدا) (1)
... ويروى أن عمار بن ياسر رضى الله عنه سمع هذه الأبيات فأخذ يرددها وهو لا يدرى من المقصود بها، فمر بعثمان بن مظعون، فغضب عثمان ظانا أن ياسرا يعرض به، فقال له: يا ابن سمية بمن تعرّض وتشتمه، لتكفن أو لأعترضنّ بها وجهك ـ لحديدة كانت بيده ـ فسمع النبى - صلى الله عليه وسلم - عثمان وهو جالس في ظل بيت أم سلمة، فغضب، فقال الصحابة لعمار: إن النبى - صلى الله عليه وسلم - قد غضب فيك، ونخاف أن ينزل فينا قرآن، فقال عمار: أنا أرضيه كما غضب، فقال: يا رسول الله، مالى ولأصحابك؟ فقال: مالك ولهم؟ قال: يريدون قتلى يحملون لبنة لبنة، ويحملون على اللبنتين والثلاث، فأخذ بيده فطاف به في المسجد وجعل يمسح ذفرته بيده من التراب، ويقول: يا ابن سمية: لا يقتلك أصحابى، ولكن تقتلك الفئة الباغية) (2).
... وفى السيرة الحلبية (فسمع ذلك الرجز عمار بن ياسر، فصار يرتجز بذلك، وهو لا يدرى من يعني بذلك، فمر يرتجز بذلك على عثمان، فظن عثمان أن عمار يقصد التعريض به، فقال له عثمان: يا ابن سمية، ما أعرفنى بمن تعرض به، لتكفن أو لأعترضنّ بهذه الحديدة - لحديدة كانت معه - وجهك، وفي لفظ والله إني أرانى سأعرض هذه العصا بأنفك - لعصا كانت في يده - فسمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغضب وقال: إن عمار بن ياسر جلدة ما بي عينى ووضع يده الشريفة بين عينيه الشريفتين فقال الناس لعمار: قد غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي ونخاف أن ينزل فينا قرآن، فقال: أنا أرضيه فقال: يا رسول الله، مالى ولأصحابك؟ قال: مالك ولهم؟ قال: يريدون قتلى، فيحملون لبنة لبنة ويحملون علي لبنتين لبنتين وفي لفظ اللبنتين والثلاث، فأخذ بيده، وطاف به المسجد، وجعل يمسح ذفرتيه من التراب
__________
(1) المصدر السابق ص 314 وفى المراجع الأخرى (إن الذى كان يفعل ذلك عثمان بن عفان رضى الله عنه -).
(2) سمط النجوم العوالى الجزء الأول ص 314 المطبعة السلفية.

الصفحة 25