(ولم يكن على المسجد كبير طين إذ كان المطر يكف ـ أى ينزل منه ماء المطر المخالط للطين عليه بحيث يمتلئ أى المسجد طينا، فقالوا: يا رسول الله، لو أمرت بطين أى اجعل عليه طينا كثيرا بحيث لا ينزل عليه المطر فقال: لا، عريش كعريش موسى) (1)
قال صاحب سمط النجوم: (رفعوا أساسه قريبا من ثلاثة أذرع بالحجارة، ولم يسطح، فشكوا الحر، فجعلوا سواريه جذوعا، وظللوا بالجريد ثم بالخصف، فلما وكف عليهم المطر طينوا عليه بالطين وكان جداره قبل أن يظلل قامة وشيئا، وجعل وسطه رحبة) (2).
ويفيد هذا النص أنه لما نزل عليهم المطر طينوا السقف حتى لا ينزل عليهم الماء في حين أن النص الأول يدل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رفض تطيينه، وقال: (لا 00 عريش كعريش موسى) وليس التوفيق بين النصين ممتنعا ولا عسيرا ذلك لأنه يجوز أن سقف المسجد لم يطين في عهده - صلى الله عليه وسلم - ثم طين في عهد الخلفاء الراشدين من بعده.
ويفيد النص شيئا جديدا لعمارة المسجد، وهو أن المسجد لم يسقف كله، وإنما جعلت له رحبة، وهى الصحن الذي يكون في المساجد كثيرا اليوم، ويتخذ للتهوية صيفا، ولإدخال الشمس شتاء، وبذلك تكون المساجد مكانا صحيا صالحا، لا يتضرر بالإقامة فيه المعتكفون ولا يمل الجلوس فيه المتعلقة قلوبهم به.
مدة البناء
استغرق بناء المسجد فترة اختلف فيها المؤرخون، فقال بعضهم: سبعة أشهر وقال بعضهم: قرابة عام وقال بعضهم شهرا واحدا.
... قال صاحب المواهب: (وأقام - صلى الله عليه وسلم - عند أبى أيوب سبعة أشهر وقيل إلى صفر من السنة الثانية وقال الدولابى: شهرا) (1).
__________
(1) المصدر السابق ص 72.
(2) سمط النجوم العوالى الجزء الأول ص 312. المطبعة السلفية.
(3) المواهب اللدنية الجزء الأول ص 69 المطبعة الشرقية.