كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

فرش المسجد
... ولم يكن المسجد مفروشا في بداية أمره، بل انتهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - من بنائه، وظل المسلمون يصلون فيه على الأرض التى كانت مربدا ولم يزد - صلى الله عليه وسلم - على أنه سوى الأرض ومهدها مما كان فيها من الخرب وأثر النخيل والقبور.
... وظل الأمر على ذلك حتى أمطرت السماء مطرا شديدا، فأصبحت الأرض مبتلة بحيث لا يستطيع الرجل أن يصلى من البلل الذى أصاب الأرض، فجعل الرجل يملأ حجر ثوبه من الحصى، ويفرشه في مكانه الذى يريد الصلاة فيه، وتصادف أن رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك فأعجبه واستحسنه، ومنذ ذلك الحين فرش المسجد بالحصباء.
... قال صاحب السيرة الحلبية: (وسبب وضع الحصى في المسجد ان المطر جاء ذات ليلة، وأصبحت الأرض مبتلة، فجعل الرجل يأتى بالحصى في ثوبه ويبسطه تحته ليصلى عليه، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قال: ما أحسن هذا، وفى رواية: ما أحسن هذا البساط) (1).
... جاء في بعض الروايات أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يحصب المسجد، وأنه مات قبل أن يحصب فحصبه عمر رضى الله عنه (2).
... قال صاحب السيرة الحلبية: (وقد يعارض هذا ما قيل: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يحصب المسجد فمات قبل ذلك فحصبه عمر رضي الله عنه) (66)
والواقع أنه لا تعارض بين الروايتين أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يحصب المسجد بعد أن رأى الصحابة يبسطون الحصى فأمر بأن يفرش كل المسجد بالحصباء.
... وأما فرش الحصر ونحوها فلم يكن معروفا في عهده - صلى الله عليه وسلم - بل عرف ذلك في عهد عمر رضى الله عنه كما سيأتى.
__________
(1) السيرة الحلبية الجزء الثاني ص 80 مطبعة مصطفى محمد.
(2) المصدر والصفحة السابقان.

الصفحة 31