كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

لقد تحولت الصُّفَّة من الجنوب إلى شمال المسجد، وأغلق الباب الذى في مؤخرة المسجد، وأخّر باب عاتكة وهو باب الرحمة عن محله، وفتح باب جديد في شمال المسجد بدلا من الذى كان في جنوبه.
... كان لا بد أن يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ليواجه الحدث الجديد، ويتجه الى الكعبة المشرفة بعد أن كان يولى وجهه شطر بيت المقدس، ويقلب وجهه في السماء آملا أن يحوله الله ـ عز وجل ـ إلى بيته الحرام في مكة المكرمة ـ حرسها الله تعالى ـ وقد حقق الله أمنيته، وأصبح يتجه إلى الجنوب بدلا من الشمال.
... وقال صاحب السيرة الحلبية: (ولما حولت القبلة سد - صلى الله عليه وسلم - الباب الذى كان في مؤخر المسجد) (1).
... وقال: (لما حولت القبلة لم يبق من الأبواب التى كان يدخل منها - صلى الله عليه وسلم - إلا الباب الذى يقال له باب جبريل ـ عليه السلام ـ أي أنع بقي في محله وأما باب الرحمة الذي كان يقال له أيضا باب عاتكة فأخّر عن محله) (2).
... ويقول السمهودى: (ولما صرفت القبلة سد الباب الذى كان خلفه وفتح باباً حذاءه) (3).
... وروى صاحب سمط النجوم عن الحافظ الذهبى قوله: (إن القبلة قبل أن يحول استقبال بيت المقدس إلى الكعبة كانت في شمال المسجد، فلما حولت القبلة إلى الكعبة بقى حائط المسجد الأول مكان أهل الصفّة) (4).
... ويذكر السمهودى أن باب عاتكة والباب الذى يدخل منه الرسول لم يغيرا فيقول: (وجعل لها ثلاثة أبواب: باب في مؤخره - أى وهو في جهة القبلة اليوم - وباب عاتكة الذى يدعى باب عاتكة ويقال باب الرحمة، والباب الذى كان يدخل منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو باب آل عثمان اليوم، وهذان البابان لم يغيرا بعد أن صرفت القبلة) (5).
... ولعل المقصود بعدم التغيير عدم السد، ولا يتعارض ذلك مع ما ذكر من تأخر باب الرحمة عن مكانه قليلا بعد تحول القبلة عن موضعه الأصلى كما ذكر صاحب السيرة الحلبية.
__________
(1) السيرة الحلبية الجزء الثاني ص 80 مطبعة مصطفى محمد. (2) المصدر والصفحة السابقان.
(3) وفاء الوفا الجزء الأول ص 337 تحقيق محيى الدين عبد الحميد دار احياء التراث العربى لبنان.
(4) سمط النجوم العوالى الجزء الأول ص 315 المطبعة السلفية.
(5) وفاء الوفا الجزء الأول ص 337 تحقيق محيى الدين عبد الحميد دار احياء التراث العربى لبنان.

الصفحة 34