كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

وهذا النص يدل على أن الزيادة التى حدثت بعد خيبر كانت مثل المساحة الأولى، يستفاد ذلك من قوله: (وزاد عليه مثله في الدور).
... ويستبعد السمهودى أن تكون هذه المساحة بالأذرع فيقول بعد أن يورد عبارة جعفر بن عمرو: (ولا يصح أن يراد بذلك الأذرع قطعا، لأنها تقتضى أنه بعد البناء الثاني صار أحد امتداديه إما الطول أو العرض نحو مائتى ذراع، والامتداد الآخر نحوها، ولا شك ان حد مسجده - صلى الله عليه وسلم - من جهة المشرق غايته الحجرة الشريفة فعرضه من جدارها إلى جدار المسجد الغربى، وذرع هذا القدر اليوم بعد الزيادات المجمع عليها لا تبلغ مائة وخمسين ذراعا كما اختبرته، بل تنقص أزيد من ستة أذرع) (1).
... واستبعاد السمهودى إنما يتأتى لو كانت عبارة جعفر بن عمرو تفيد أن كل هذه الزيادة كانت في المسجد، ولما كانت العبارة لا تفيد ذلك بل تفيد أن الزيادة المذكورة كانت في المسجد وفى الدور التى أنشأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حول المسجد، وكانت تحيط به من كل الجهات ما عدا الجهة الغربية، فإن الاستبعاد يكون غير وارد حينئذ، ويستفاد ذلك من قوله: (وزاد عليه مثله في الدور).
... أى في الدور الى اتخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزوجاته حول المسجد ويروى السمهودى عن ابن النجار قوله: (وكان لبيت عائشة مصراع واحد من عرعر أو ساج، قال: ولما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه بنى لهن حجرا، وهى تسعة أبيات، وهى ما بين بيت عائشة رضى الله عنها إلى الباب الذى يلى باب النبى - صلى الله عليه وسلم -) (2).
ويروى عن ابن زبالة عن محمد بن هلال قوله: (أدركت بيوت أزواج النبى - صلى الله عليه وسلم - كانت من جريد مستورة بمسوح الشعر، مستطيرة في القبلة (الجنوب) وفى المشرق والشام (الشمال) وليس في غربى المسجد شئ منها، وكان باب عائشة مواجه الشام، وكان بمصراع واحد من عرعر أو ساج) (3).
والمفهوم من هذا أن بيوت زوجات النبى - صلى الله عليه وسلم - كانت منتشرة حول المسجد في الجنوب والشرق والشمال وليس في الغرب منها شئ، وكانت دار السيدة
__________
(1) المصدر السابق ص 340.
(2) وفاء الوفا الجزء الثاني ص 458 تحقيق محى الدين عبد الحميد.
(3) المصدر السابق ص 459.

الصفحة 38