كتاب المسجد النبوي عبر التاريخ

وعلى هذا يكون المسجد الشريف مستطيل الشكل يبلغ طوله من الجنوب إلى الشمال 68م تقريبا أى مائة وستة وثلاثين ذراعا، ويكون عرضه من الشرق إلى الغرب 57م تقريبا أى مائة وأربعة عشر ذراعا وتكون مساحة المسجد النهائية بعد التوسعة الأخيرة في عهده - صلى الله عليه وسلم - هى: 3876 مترا مربعا أى سبعة آلاف وسبعمائة واثنين وخمسين ذراعا مربعا.
... ولا يمكن أن يراد بالذراع الشبر كما فهم السمهودى، ونص عليه حيث يقول: (فالظاهر أن المراد من هذه الرواية الأشبار لا الأذرع) (1).
... لأن العرب كانوا يعرفون الشبر والذراع وبفرقون بينهما ويغايرون فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع) (2).
... فالرسول هنا ذكر الشبر والذراع وضربهما مثلا لدقة التقليد وذلك لا يكون إلا إذا كانا معروفين عند العرب، وعطف الذراع على الشبر يقتضى المغايرة بينهما كما يقول النحويون.
... وفى الحديث القدسى (أنا عند ظن عبدى بى وأنا معه حين يذكرنى، فإن ذكرنى في نفسه ذكرته في نفسى، وإن ذكرتي في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن تقرب منى شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إليّ ذراعا تقربت منه باعا) (1).
... ويذكر أبو هلال العسكرى أن عبد الله بن الزبير رضى الله عنه كان من البخلاء ويروى عنه قوله: (إنما بطنى شبر في شبر فما عسى أن يكفينى)؟ ويذكر قول أبى وجرة الشاعر فيه:
لو كان بطنك شبرا كان قد شبعت ... وكنت أفضلت فضلا للمساكين (2)
من هذا نعلم أن الشبر كان معروفا عند العرب وأن الذراع كان معروفاً عندهم كذلك ولم يرد في كلام العرب التعبير بالذراع عن الشبر دون قرنية تدل على ذلك فتعين أن يكون الذراع هو الذراع المعروف وتعين كذلك المصير إلى هذا الذى فسرنا به رواية ابن زبالة الى استبعدها السمهودى وتزول الشبهة، ويتحقق المقصود.
__________
(1) وفاء الوفا الجزء الأول ص341 تحقيق محى الدين عبد الحميد.
(2) صحيح البخارى الجزء الرابع ص 135.
(3) مختصر صحيح مسلم الجزء الثاني ص 258 منشورات وزارة الأوقاف بالكويت.
(4) الاوائل لأبى هلال العسكرى ص 179 تحقيق وتعليق محمد السيد الوكيل.

الصفحة 40