إضاءة المسجد
... كان المسجد في بداية أمره إذا جاءت العتمة يضاء بايقاد سعف النخل وفيه وظل على ذلك تسع سنين تقريبا، حتى قدم تميم الدارى إلى المدينة المنورة في سنة تسع من الهجرة فوجد المسجد يضاء بسعف النخل، وكان قد أحضر معه قناديل وحبالا وزيتا، فعلق تلك القناديل بسوارى المسجد، وأوقدها فأضاءت المسجد، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نوّرت مسجدنا نور الله عليك) (1) يقول بعض المؤرخين: إن أول من جعل في المسجد المصابيح عمر بن الخطاب رضى الله عنه - وأقول لا تعارض بين القولين، لأنه يحتمل أن يكون تميم الدارى هو أول من علق القناديل في المسجد، وأن عمر بن الخطاب قد زاد فيها وأكثر منها.
.. روى صاحب الاستيعاب عن سراج غلام تميم الدارى قال: (قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن خمسة غلمان لتميم الدارى، فأمرنى ـ يعنى سيده ـ فأسرجت المسجد بقنديل فيه زيت، وكانوا لا يسرحون إلا بسعف النخل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أوقد مسجدنا؟ فقال تميم: غلامى هذا، فقال: ما اسمه؟ فقال: فتح، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل اسمه سراج، فسمانى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراجا) (2).
... وهكذا أضئ المسجد في عهده الأول بإيقاد سعف النخل فيه، ثم بالمصابيح التى جلبها تميم الدارى معه، وكان قدوم تميم في العام التاسع من الهجرة كما ذكر صاحب المواهب اللدنية (3).
المنبر:
... وكان لا بد ان يتخذ - صلى الله عليه وسلم - منبرا يخطب عليه، فقد اتسع المسجد، وكثر المسلمون، واقبلت الوفود تترى. متسابقة الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتسمع منه فتدخل في الإسلام.
__________
(1) السيرة الحلبية الجزء الثاني ص 87 مطبعة مصطفى محمد.
(1) الاستيعاب لابن عبد البر الجزء الثاني ص 683 مطبعة نهضة مصر.
(2) المواهب اللدنية الجزء الأول ص 71 المطبعة الشرقية.