وروى السمهودى أيضا أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن القيام قد شق علي، وشكا - صلى الله عليه وسلم - ضعفا في رجليه، قالوا: - فقال تميم الدارى - وكان رجلا من لخم من أهل فلسطين - يا رسول الله، أنا أعمل لك منبرا كما رأيت يصنع بالشام) (1).
... وتفيد الروايتان أن المنبر صنع سنة تسع من الهجرة ـ أى في آخر حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأن تميما الدارى لم يأت إلى المدينة إلا سنة تسع من الهجرة وذكر العباس ـ رضى الله عنه ـ في حديث المنبر لا ينافى ذلك حيث كان قدوم العباس في آخر سنة ثمان وعرض تميم صنع المنبر على الرسول كان سنة تسع بعد قدومه وكان العباس موجودا في المدينة حين ذاك، وعلى هذا يكون قول القائلين بأن المنبر صنع سنة ثمان بناء على ذكر العباس في روايته وَهْمٌ لا مبرر للتمسك به.
... على أن صاحب المواهب يروى بأن صنع المنبر وحنين الجذع كان سنة ثمان من الهجرة يقول: (وكان - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة إلى جذع في المسجد قائما فقال: ان القيام قد شق علي، فصنع له المنبر وكان عمله وحنين الجذع في السنة الثامنة من الهجرة ن وبه جذم ابن النجار) (1).
... وإذا استطعنا أن نحدد صانع المنبر نستطيع أن نحدد السنة التى صنع فيها المنبر، وإذا تصفحنا الكتب التى تناولت الموضوع الذى نرى اختلافا كبيرا في اسم صانع المنبر فابن زبالة يروى عن خالد بن سعيد مرسلا أن الذى صنع المنبر تميم الدارى، ويروى ابن زبالة أيضا انه غلام لسعيد بن العاص اسمه باقول (بموحدة وقاف مضمومة) أو هو غلام للعباس اسمه كلاب او صباح (بضم الصاد)، وينقل المراغى عن بعض شيوخه أن الذى عمل المنبر باقوم (بالميم) بانى الكعبة لقريش، وفى الطبرانى باسناد فيه متروك أن اسم صانع المنبر إبراهيم، وفى أسماء الصحابة لابن شبة مرسلا: اسمه قصيبة أو قبيصة.
... ويروى ابن سعد في الطبقات من حديث أبى هريرة أن الذى أشار بعمل المنبر هو تميم الدارى وأن الذى عمله هو كلاب غلام العباس، وعند قاسم ابن أصبغ من رواية سهل أن الذى صنعه ميمون، وعند أبى داود بإسناد جيد أن تميما هو الذى عرض فكرة المنبر.
ويتلخص من ذلك الأسماء الى وردت عند ذكر صانع المنبر هى:»» 1 ««ابراهيم»» 2 ««قبيصة أو قصيبة»» 3 ««باقول»» 4 ««باقوم»» 5 ««كلاب أو صباح»» 6 ««
__________
(2) المصدر السابق ص 393. (2) المواهب اللدنية الجزء الأول ص 71 المطبعة الشرقية.