الصحيحة التى وردت في الموضوع، فالرواية الى ذكرت تميما الدارى صحيحة وبإسناد جيد والرواية الى ذكرت ميمونا أيضا رواية صحيحة، والرواية التى ذكرت أن صانع المنبر رومى صحيحة كما ذكر ابن حجر ويمكن التوفيق بينهما على النحو الآتى:-
... أن يكون المراد بالرجل الرومي هو تميم الدارى وذلك لأنه من أهل فلسطين.
وهى من بلاد الروم، وكان يتردد عليها كثيرا وينحصر الأمر بين ميمون وتميم ويمكن التوفيق بين وايتيهما بأن تميما هو الذى أشار على النبى - صلى الله عليه وسلم - بصنع المنبر وبع أن وافق الرسول والصحابة على عمله، قام ميمون بعمله.
.. وحيث إنَّ ميمونا هو الذى صنع المنبر بمشورة تميم فإن ذلك يكون في السنة التاسعة وهى السنة التى قدم فيها تميم إلى المدينة المنورة، ونستطيع أن نقول بعد ذلك: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدا يخطب مستندا إلى الجذع فلما كثر الناس عرض عليه الصحابة - رضوان الله عليهم - أن يتخذ مكانا مرتفعا ليراه الناس، وليتمكن من أسماعهم، فاتخذ المنبر من الطين وهو الذى ورد ذكره في حديث الإفك وكان إلى جوار الجذع بحيث يمكنه الوقوف عليه والاستناد إلى الجذع في وقت واحد، فلما شق عليه القيام، وكان يشكوا مرضا في رجليه وكثر لحمه، عرض عليه تميم الدارى أن يصنع له منبرا كذلك الذى رآه بالشام يستطيع أن يقوم عليه عن شاء، ويستطيع أن يقعد عليه متى شاء فشاور - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فوافقوا على اتخاذه فاتخذه.
... وبقى علينا في الموضوع أن نعرف وصفا عاما للمنبر الشريف، وأن نعرف الخامة التى صنع منها، أما الخامة التى صنع منها فالروايات الصحيحة كلها متفقة على أنه صنع من خشب شجر في الغابة القريبة من المدينة، يعرف بشجر الأثل أو الطرفاء وفى صحيح البخارى عن أبى حازم بن دينار: (أن رجالا أتوا سهل بن سعد الساعدى، وقد امتروا في المنبر من عوده؟ فسألوه عن ذلك، فقال: والله إنى لأعرف مم هو، ولقد رأيته اول يوم وضع وأول يوم جلس عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فلانة - امرأة قد سماها سهلا مرى غلامك النجار أن يعمل لي أعوادا أجلس عليهن إذا كلمت الناس، فأمرته فعملها من طرفاء الغابة …) (1).
__________
(1) فتح البارى الجزء الثاني ص 397 المطبعة السلفية.