كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 7)

القول في الطرق الفاسدة وهي خمسة
قال الرازي: الأول: إذا أخبر واحد بحضرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن شيء، والرسول ترك الإنكار عليه، قال بعضهم: ذلك يدل على كون ذلك الخبر صدقًا. والحق أن يقال: ذلك الخبر: إما أن يكون خبرًا عن أمر يتعلق بالدين، أو بالدنيا:
فإن كان عن الدين: فسكوته، عليه الصلاة والسلام، عن الإنكار يدل على صدقه، لكن بشرطين: أحدهما: ألا يكون قد تقدم بيان ذلك الحكم، والثاني: أن يجوز تغير ذلك الحكم عما بينه فيما قبل.
وإنما وجب اعتبار هذين الشرطين؛ لأن بيان الحكم، لو تقدم، وأمنا عدم تغيره، كان فيما سبق من البيان ما يغنى عن استئناف البيان؛ ولهذا لا يلزمه، عليه الصلاة والسلام، تجديد الإنكار حالًا بعد حال على الكفار.
وأما القسم الثاني؛ وهو الخبر عن أمر متعلق بالدنيا: فسكوته، عليه الصلاة والسلام، يدل على الصدق بأحد شرطين:
أحدهما: أن يستشهد بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويدعى عليه علمه بالمخبر عنه.
وثانيها: أن يعلم الحاضرون علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بتلك القصة؛ ففي كل واحد من هذين الوجهين يجب صدق الخبر؛ إذ سكوت الرسول - صلى الله عليه وسلم - هاهنا يوهم التصديق؛ فلو كان المخبر كاذبًا، لكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أوهم تصديقه؛ وإنه غير جائز.
وأما إذا علمنا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم المخبر عنه، أو جوزنا ذلك، لم يلزم

الصفحة 2875