كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 7)
والثاني: لعلهم عرفوا أن هذه المسألة من الفروع التي لا يوجب الخطأ فيها كفرًا ولا بدعة؛ فلذلك تساهلوا فيها، ولما تساهلوا فيها، نسوا ما شاهدوه؛ لا سيما وكانوا مشتغلين بالحروب العظيمة، والذين شاهدوها في زمان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قتلوا وقلوا؛ فصارت الرواية من باب الآحاد.
وأما اختلافهم في الجهر بالتسمية، فعنه أيضًا جوابان:
الأول: لعل فعله فيه كان مختلفًا.
الثاني: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ابتدأ بالقراءة، أخفي صوته، ثم يعلو صوته على التدريج؛ وعلى هذا التقدير: يجوز أن يسمع جهره بالتسمية القريب دون البعيد، وأما سائر المعجزات قلنا: لعل الذين شاهدوا تلك الأشياء كانوا قليلين؛ فلا جرم ما حصل النقل المتواتر.
فأما الذين سمعوا النص الجلي في الإمامة: فإن كانوا قليلين، صارت الرواية من الآحاد؛ فلا تكون حجًة قطعيًة، وإن كانوا بالغين حد التواتر، وجب ظهور النقل.
وأما أقاصيص سائر الأنبياء: فإنما لم تنتقل بالتواتر؛ لأنه لا يتعلق بروايتها غرض أصلي في الدين؛ بخلاف النص الجلي في الإمامة.
الرابع: الخبر الذي يروى في وقت قد استقرت فيه الأخبار، فإذا فتش عنه، فلم يوجد في بطون الكتب، ولا في صدور الرواة، علم أنه لا أصل له، وأما في عصر الصحابة، حين لم تكن قد استقرت الأخبار، فإنه يجوز أن يروي أحدهم ما لم يوجد عند غيره.
الصفحة 2884
4245