كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 7)

وإذا أثبت ذلك في العرف، ثبت مثله في الشرع، لقوله- عليه الصلاة والسلام:- (ما رآه المسلمون حسنًا، فهو عند الله حسن).
سلمنا: أنه غير ساقط في العرف؛ إلا أن الأغلب على الظن سقوطه؛ لأن علة الحكم وجب أن تكون منشأ الحكمة، ولا مفسدة في كون الإسكار قائمًا بهذا المحل، أو بذاك، بل منشأ المفسدة كونه المفسدة كونه مسكرًا فقط؛ فإذا غلب على ظننا ذلك، وجب الحكم به؛ احترازًا عن الضرر المظنون.
سلمنا: أن هذا القيد غير ظاهر؛ لكن دليلكم إنما يتمشى فيما إذا قال الشارع: (حرمت الخمر؛ لكونها مسكرة) أما لو قال: (علة حرمة الخمر: إنما هي الإسكار) لا يبقى ذلك الاحتمال.
سلمنا: أن دليلكم يمنع من القياس؛ لكن ها هنا ما يدل على جوازه، فإن قول الشارع: (حرمت الخمر؛ لكونها مسكرة) يقتضي إضافة الحرمة إلى الإسكار، وذلك يدل على أن العلة هي الإسكار؛ فوجب أن يترتب الحكم عليه أينما وجد.
وأما من فرق بين الفعل والترك، فقد قال: (إن من ترك أكل رمانة، لحموضتها، وجب عليه أن يترك أكل كل رمانة حاضمة، أما من أكل رمانة، لحموضتها لا يجب عليه أن يأكل كل رمانة حامضة):
والجواب: قوله: (هذا الاحتمال قائم في الحركة):
قلنا: إن عنيت بالحركة: معنى يقتضي المتحركية، فهذا المعنى يمتنع فرضه بدون المتحركية، وإن عنيت بالحركة؛ شيئًا أخر؛ بحيث يبقى فيه هذا الاحتمال، فهناك نسلم أنه لابد في إبطال ذلك الاحتمال من دليل منفصل.

الصفحة 3196