كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 7)

وبتقدير جوازه: فإنه لا يكون استناد أحد الحكمين إلى أحد العلتين أولى من استناده إلى العلة الأخرى، ومن استناد الحكم الآخر إليها، فيعود إلى كون كل واحد من الحكمين معللا بكل واحدة من العلتين؛ وهو محال.
ورابعها: أن كون القتل العمد العدوان قبيحا، وموجبا لاستحقاق الذم والقصاص، لو كان معللا بكونه قتلا عمدا، عدوانا والعدوانية صفة عدمية؛ لأن معناها: أنها غير مستحقة - لزم أن يكون العدم جزءا من علة الأمر الوجودي؛ وهو محال.
فإن قلت: (لم لا يجوز أن يكون هذا العدم شرطا لصدور الأثر عن المؤثر؟):
قلت: لأن عليه العلة ما كانت حاصلة قبل حصول هذا الشرط، ثم حدثت عند حصوله، فتلك العلية أمر حادث لا بد له من مؤثر، وهو الشرط، فلو جعلنا الشرط عدما، لزم جعل العدم علة لتلك العلية؛ وهو محال.
ومن الفقهاء: من قال: هذه الإشكالات إنما تتوجه على من يجعل هذه الأوصاف عللا مؤثرة لذواتها في هذه الأحكام، ونحن لا نقول بذلك؛ بل كونها عللا لهذه الأحكام أمر ثبت بالشرع؛ فهي لا توجب الأحكام لذواتها؛ بل لأن الشرع جعلها موجبة لهذه الأحكام.
وهذا هو الذي عول عليه الغزالي في (شفاء الغليل)، فيقال له: إن أردت بجعل الزنا علة موجبة للرجم، أن الشرع قال: (مهما رأيتم إنسانا يزني، فاعلموا أني أوجبت رجمه) فهذا صحيح؛ ولكن يرجع حاصله إلى كون الزنا معرفا لذلك الحكم، وهو غير ما نحن الآن فيه، وإن أردت به: أن الشرع جعل الزنا مؤثرا في هذا الحكم؛ فهو باطل من وجهين:

الصفحة 3212