كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 7)

المسألة الثالثة
قال الرازي: في أن المناسبة لا تبطل بالمعارضة، والدليل عليه: أن كون الوصف مناسبًا، إنما يكون لكونه مشتملًا على جلب منفعة، أو دفع مضرة، وذلك لا يبطل بالمعارضة.
أما الأول: فظاهر، وأما الثاني: فيدل عليه وجوه:
الأول: أن المناسبتين المتعارضتين: إما أن تكونا متساويتين، أو إحداهما أرجح من الأخرى:
فإن كان الأول: لم يكن بطلان إحداهما بالأخرى أولى من العكس، فإما أن نبطل كل واحدة منهما بالأخرى؛ وهو محال؛ لأن المقتضى لعدم كل واحدة منهما وجود الأخرى، والعلة لابد وأن تكون حاصلة مع المعلول، فلو كان كل واحدة منهما مؤثرة في عدم الأخرى، لزم أن تكونا موجودتين حال كونهما معدومتين؛ وذلك محال.
وإما ألا تبطل إحداهما بالأخرى عند التعارض؛ وذلك هو المطلوب، وأما إن كانت إحدى المناسبتين أقوى، فها هنا: لا يلزم التفاسد أيضًا؛ لأنه لو لزم التفاسد، لكان لما بينهما من المنافاة؛ لكنا بينا في القسم الأول: أن لا منافاة بينهما؛ لأنهما اجتمعا، وإذا زالت المنافاة، لم يلزم من وجود أحدهما عدم الآخر.
الثاني: أن المفسدة الراجحة إذا صارت معارضة بمصلحة مرجوحة، فإما أن ينتفي شيء من الراجح؛ لأجل المرجوح، أو لا ينتفي:

الصفحة 3279