كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 7)

الدليل الثالث: أنه قد وقع التكليف بما لا يطاق، وذلك يمنع من القول برعاية المصالح.
بيان الأول من وجوه:
الأول: أنه كلف بالإيمان من علم أنه لا يؤمن، فصدور الإيمان منه يستلزم انقلاب العلم جهلًا؛ وهذا الانقلاب محال؛ والمفضي إلى المحال محال؛ فكان هذا التكليف تكليفًا بالمحال.
وثانيها: أنه: إما أن يكلفه حال استواء الدواعي إلى الفعل والترك، أو حال رجحان أحدهما على الآخر: والأول محال؛ لأن الاستواء ما دام يكون حاصلًا، امتنع الرجحان، فالأمر بالترجيح حال حصول الاستواء أمر بالجمع بين الضدين.
والثاني: محال؛ لأن حال الترجيح يكون الراجح واجب الوقوع، والمرجوح ممتنع الوقوع، فحال الرجحان: إن كان مأمورًا بترجيح المرجوح، كان مأمورًا بالجمع بين الضدين، وإن كان مأمورًا بترجيح الراجح، كان مأمورًا بإيقاع الواقع، وكل ذلك تكليف بما لا يطاق.
وثالثها: القدرة إذا حصلت في العبد: فإما أن يؤمر بإيقاع الفعل في ذلك الزمان، أو في الزمان الثاني:
والأول: محال؛ لأنه إذا وجد المقدور في ذلك الزمان، فلو أمر الله تعالى العبد بإيقاعه في ذلك الزمان، كان هذا أمرًا بإيجاد الموجود؛ وإنه محال.
والثاني أيضًا: محال؛ لأنه في الزمان الأول، لما لم يكن متمكنًا من الفعل البتة، كان أمره بالفعل أمرًا لمن لا يقدر.

الصفحة 3293