كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 8)

يسموا الحمار الأبيض به، وسموا صوت الفرس (صهيلا) وصت الحمار (نهيقا) وصوت الكلب (نباحا).
وأيضا: القارورة إنما سميت بهذا الاسم؛ لأجل الاستقرار، ثم إن ذلك المعنى حاصل في الحياض والأنهار، مع أنها لا تسمى بذلك؛ والخمر إنما سميت بهذا الاسم؛ لمخامرتها العقل، ثم المخامرة حاصلة في الأفيون وغيره، ولا يسمى خمرا.
والجواب عن الأول: أنه ليس في الآية أنه تعالى علم آدم الأسماء كلها توقيفا؛ فيجوز أن يكون علم البعض توقيفا، والبعض تنبيها بالقياس، ولأنه يجوز أن يدرك آدم علمها توقيفا، ونحن نعلمها قياسا كما أن جهات القبلة قد تدرك حسا، وقد تدرك اجتهادا.
وعن الثاني: أنا ندعي أنه نقل إلينا بالتواتر عن أهل اللغة: أنهم جوزوا القياس؛ ألا ترى أن جميع كتب النحو، والتصريف، والاشتقاق مملوءة من الأقيسة، وأجمعت الأمة على وجوب الأخذ بتلك الأقيسة. فإنه لا نزاع أنه لا يمكن تفسير القرآن، والأخبار إلا بتلك القوانين؛ فكان ذلك إجماعا معلوما بالتواتر.
وعن الثالث: ما قد بينا: أنا نفسر العلة بالمعرف، لا بالداعي، ولا المناسب، وحينئذ لا يقدح عدم المناسبة فيه.
وعن الرابع: أن أقصى ما في الباب: أنهم ذكروا صورا لا يجري فيها القياس، وذلك لا يقدح في العمل بالقياس؛ كما أن النظام لما ذكر صورا كثيرة في الشرع لا يجزي فيها القياس، لم يدل ذلك على المنع من القياس في الشرع.

الصفحة 3589