كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 8)

قوله: (اعتمد أبو علي وغيره على أن كل فاعل مرفوع، وكل مفعول منصوب، وغير ذلك من وجوه الإعراب):
قلنا: هذا لا حجة فيه؛ لأن العرب تضع الجزئيات كتسمية الحيوان المخصوص بالفرس، وهو كلية في نفسه، ولكنه جزئي بالقياس إلى الحيوان.
وتارة تضع الكلية كقولهم: كل فاعل مرفوع، كما قالوا: كل جسم حساس اسمه حيوان، فليس هاهنا قياس ألبتة، بل كل فاعل يرفع بالوضع الأول لا بالقياس، كما أن كل [جسم] حساس يسمى حيوانا بالوضع الأول لا بالقياس، كما إذا قال الشارع: (اقتلوا كل مشرك)؛ فإنا نقتل ما نجده منهم بنص الشارع لا بالقياس، فالكليات اللغوية أو الشرعية لا يدخلها القياس، إنما يفيد إذا ألحقنا غير محل [الوضعي] به، ولم يبينوه.
قوله: (أجمعوا على أن ما لم يسم فاعله، إنما رفع لكونه شبيها بالفاعل، والبصريون والكوفيون يعللون الأحكام الإعرابية).
قلنا: هذا لا حجة فيه؛ لأن النحاة تعلل الوضع الأول، ويقولون: وضع هذا للمعنى الفلاني لأجل كذا. هذا مسلم، وبقيت مقدمة أخرى ما نقلتموها عنهم، وهو أنهم قالوا: إذا كان الوضع لأجل كذا، فقد جوزت العرب أن يلحق به ما في معناه، لا بمعنى الكليات المتقدم ذكرها، بل بمعنى القياس، وهذا موضع النزاع، وما نقلتموه، فلم يحصل المطلوب.
وتعليل الوضع ليس كافيا في ذلك حتى قال بعض الفضلاء: العلل العقلية، والشرعية، والعادية، تتبعها أحكامها.
والعلل اللغوية [بعكس] ذلك، تتبع أحكامها.
فننظر أي شيء وضعوا عللناه، لا أنا نثبت وضعا لأجل علة، وهذا فرق عظيم بين الأبواب، فتأمله.

الصفحة 3591