كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 8)

الأول: أن طريق إثبات العلة بالاستنباط: السبر، أو المناسبة، أو الدوران.
ودليل الحصر أن العلة لابد أن تتميز عن غيرها، وإلا لم تكن أولى من غيرها، والتميز إما بالوجود، أو [بزائد] عليه.
والأول إما في صورة معينة أو صور.
فالوصف الزائد هو المناسبة.
والتعين في الوجود في العين هو السبر، وفي الجنس هو الدوران.
وإذا ثبت الحصر فنقول: لا سبيل إلى المناسبة؛ إذ لا مناسبة بين الألفاظ ومعانيها، وما يتخيل من إشعار الاشتقاق ينبني على ثبوت استحقاق المشتق منه لمعناه، وللكلام فيه كيف، والمعنى المعبر عنه بلفظ المخامرة لو عبر عنه بلفظ التغطية والساتر والسبر لم يثبت فيه؟، فنسبته إلى الخمر في الاقتضاء كنسبته إلى الغطاء، والساتر لم يمنع، والسبر والدوران ممتنعان؛ فإن خصوص محل التسمية لازم للقدر المشترك، فلم يتعين في الوجود، ولا يلزم عليه التعليل الشرعي لوجهين:
أحدهما: هو أن الإذن في القياس من واضع الحكم معلوم، ومن ضرورته إلغاء خصوص المحال.
الثاني: أن الحكم الشرعي معلوم المصالح والمفاسد، ولا أثر لخصوص المحال فيها، وأما الوضع اللغوي فهو معلول الحاجة للتعريف، والحاجة لتعريف المعنى لخصوصه، كالحاجة لتعريف المطلق بل أبلغ.
الوجه الثاني: هو أن القدر المشترك من مقاصد الأوضاع منقوض أبدا، كمعنى المخامرة بالبنج، ومعنى المنع بالصخر والنحاس، ولا سبيل إلى دعوى المانع؛ إذ لا مانع للإطلاق من حيث اللغة إلا عدم الوضع، والوضع لا مانع له أصلا.

الصفحة 3595