كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 8)

صح تسميته النبيذ خمرا للمشاركة في المعنى صحت تسمية الخمر خمارا أو خميرا للمشاركة في المعنى، ويؤيده القياس الشرعي؛ فإنه لما كان صحيحا اعتبر في طرف الحكم كما اعتبر في طرف المحكوم عليه، فكما نقيس مخرج البول والثقبة المنفتحة دون المعدة على مخرج الغائط في جواز الاستنجاء بالحجر؛ للمشاركة في المعنى، نقيس الخرق والخشب على الحجر في جواز الاستنجاء؛ للمشاركة في المعنى، بل بطريق الأولى، فإن احتمال التفاوت بين الأعيان في المقاصد الشرعية قائم، واحتمال التفاوت في الإشعار ومقصود التعريف غير قائم، بل نقول: الخمار يخمر الرأس، والغطاء يخمر الكوز، ولا يسمى خمرا.
فلئن قلت: خصوص المغطى داخل في المسمى، وهو كونه عقليا.
قلنا: وكذلك خصوص [المغطى] داخل في المسمى، وهو كونه معتصرا من العنب، ولا فصل بينهما.
المسلك السادس: هو أن الوضع من التصرفات العينية، فلا يقبل النقل بالتعليل كرقوم الكتابة، وسكة الدينار، والتنصيص بالذكر؛ فإذا رأينا العاقل كتب رقوما، أو ضرب سكة، أو ذكر شخصا، وعرفنا مشاركة غيره له في علة الكتابة، والسكة، والذكر، فلا يلزم إلا وجوب الكتابة والذكر؛ لوجود الحاجة إليه، أما نفس الكتابة والذكر فلا، ولهذا في القياس الشرعي لا نقول: إن السفر جل لما كان في معنى البر فقد ذكره- عليه السلام- مع البر، وإنما يكون أراد تحريم بيعه متفاضلا كما أراد تحريم بيع البر، غير أن إثبات الحكم على وفق إرادة الشارع شرع، وإن لم ينطق [به]، فليفهم هذه الدقيقة.
المسلك السابع: أن الحكم كما لابد له من علة؛ فلابد له من فائدة، وحكمة الوضع التعريف، فإذا وضع اللفظ لشيء، فلابد أن يفيد الإطلاق تعريفه، ومهما قسنا معنى آخر عليه في التسمية بطلت إفادة اللفظ تعريفه عند

الصفحة 3597