كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 8)

قلت: لا يمتنع ذلك عقلا؛ كمن يجوز لمن استوى عنده جهتا القبلة: أن يصلي مرة إلى جهة، ومرة إلى جهة أخرى، إلا أنه منع منه دليل شرعي؛ وهو ما روي أنه- عليه الصلاة والسلام- قال لأبي بكرة- رضي الله عنه-: (لا تقضين في شيء واحد بحكمين مختلفين) فأما ما روي عن- عمر رضي الله عنه-: أنه قضى في (المسألة الحمارية) بحكمين، وقال: (ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي) فيجوز أن يكون ذلك ليس لتعادل الأمارتين؛ بل لأنه ظن في المرة الأولى قوة تلك الأمارة، وفي المرة الثانية قوة هذه الأمارة.
الكلام في التعادل والترجيح
(فائدة)
قال القرافي: قال سيف الدين: الترجيح اقتران أحد الصالحين للدلالة على المطلوب مع تعارضهما بما يوجب العمل به، وإهمال الآخر.
وقولنا: (الصالحين): احتراز عن غير الصالح؛ فإن الترجيح فرع تحقق الصالح.
وقولنا: (المتعارضان) احتراز عن غير المتعارضين؛ فإن الترجيح إنما يطلب عند التعارض.
وقولنا: (بما يوجب العمل بأحدهما، وإهمال الآخر) احتراز عما اختص به أحد الدليلين من الصفات الذاتية، أو العرضية، ولا مدخل له في التقوية والترجيح

الصفحة 3653