كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 1)

في العقاقير مع تجويزنا ذلك قطعا، وإذا كان من الجائزات فعلى تقدير وقوعه لا يتوقف الضرر على الإدراك، بل الشمس والقمر مؤثران بإذن الله تعالى في العالم من غير إدراك اتفاقا بتغيير الفصول الأربعة، وإنضاج الثمار، وتجفيف الحبوب، والمقطوع من الخشب في ليالي الظلام لا يسوس بخلاف المقمرة.
وقوله: "الانتفاع لا يكون إلا بثلاثة أوجه " الحصر ممنوع لجواز أن ينتفع بها بوجه رابع؛ كما ينتفع بالجبال بإرساء الأرض ولمجاورة البحر الملح لإصلاح أجساد الحيوانات، حتى قيل: إن البلد البعيد عن البحر الملح أكثر من نصف شهر يضعف حاله، لأن هواه يملح الأجساد، ويذهب عنها العفن كالملح في لحوم الذبائح إذا رفع، قالوا: وهذا حكمة من حكمة خلق الله تعالى له، وبالجملة فأنواع الانتفاع بالمخلوقات كثيرة في باطن الإنسان وظاهره، وقريبة وبعيدة، بغير ما ذكره فالحصر ممنوع.
وقوله: "وفي كله إباحة إداركها" ويريد بالإدراك المباشرة حتى تشتهيها نفسه عند الإجتناب ممنوع، فإن الإنسان قد يشتاق لاشيء بالأخبار وقرائن الأحوال، ولذلك إن العميان يحبون على السماع، ونحوه كثير في العالم، والالتذاذ أيضا لا يتوقف على الإدراك، بل يلتذ الإنسان أيضا بالسماع، والاستدلال وغيره، ودلالة الصنعة على صانعها غير متوقفة على المباشرة، لأنا نستدل بالكواكب وأفلاكها، وغير ذلك من أجزاء العالم ولم نباشرها.
وقوله في الجواب عن الأول: ((إن الحكم العقلي في الأصل ممنوع)).
معناه: أن القياس من شرطه أن يكون من باب واحد، فتقاس العاديات على العاديات، والعقليات على العقليات، والشرعيات على الشرعيات، لأن القياس لا بد فيه من جامع هو مدرك الحكم في الأصل، والفرع مساوٍ له فيه، فثبت ذلك الحكم في الفرع، هذا يقتضي اشتراكهما في موجبات

الصفحة 414