كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 2)

للأخص، فيؤول الحال أن النفي إنما حصل للمماثلة، وذلك ليس بمحال، بل واجب.
قلت له: القاعدة في القضايا التصديقية أن الحكم فيها يكون على ما صدق عليه العنوان، ونعنى بالعنوان: ما عبر عن المحكوم عليه به، وقد يكون نفس المحكوم عليه، كما إذا قلنا: الإنسان حيوان، وقد يكون جزؤه، كقولنا: الإنسان ناطق، وقد يكون لازمه، كقولنا: الضاحك بالقوة حيوان، وقد يكون عارضا له، كقولنا: الضاحك بالفعل حيوان، وفي جميع هذه المثل إنما حكمنا على ماصدق عليه أنه ضاحك هو المحكوم عليه بأنه حيوان لا نفس الضاحك، وكذلك جميع القضايا التصديقية.
إذا تقررت هذه القاعدة؛ فيظهر حينئذ إذا حكمنا بالنفي على جميع أمثال المثل، فقد حكمنا على ما صدق عليه أنه مثل المثل، لا على المماثلة، كما قال: فيلزم القضاء بالنفي على ذات واجب الوجوب، وهو محال، فما أفضى إليه يكون باطلا، وذلك إنما نشأ عن كون (الكاف) ليست بزائدة، فتعين ما قاله العلماء أنها زائدة.

(تنبيه)
المجاز بالزيادة والنقصان مشكل؛ لأن المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، وجميع الألفاظ المذكورة في الآيتين مستعملة في ما وضعت له، والقرية في القرية، والسؤال في السؤال، وكذلك الآية الأخرى، فلم يبق إلا المحذوف وهو الأهل، والمحذوف مسكوت عنه لم يستعمل، وما لا يستعمل لا يكون حقيقة ولا مجازا، وكذلك الكاف الزائدة ليست مستعملة في شيء، وكل زائد من هذا النوع ليس مستعملا في شيء لا مجازا ولا حقيقة، فلا مجاز البتة.
واتفق العلماء على انه مجاز فتأمل ذلك، فيتعين أن يكون من مجاز

الصفحة 791