كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 2)
العلماء هل يحنث بغيرها أم لا؟ بناء على أن ذلك الاستعمال، هل وصل إلى النقل فلا يحنث، أو لم يصل فيحنث؟
فهذا منشأ الخلاف، ولو قال: رأيت رأسا، لم يختلفوا أن لفظه لا يتعين للأنعام؟ لأن هذا التركيب لم يشتهر في الأنعام، وإنما اشتهر في تركيب الأيمان، وهذا هو المدرك في أن مالكا أوجب في (أيمان المسلمين)، الصوم دون الاعتكاف؛ لأن التركيب الغالب في الأيمان يقع في الحج، والصدقة، والصوم دون الاعتكاف، فتأمل هذه المواطن، فهي شريعة في الأصول والفروع.
المسألة الثالثة: في الحقيقة الشرعية
قال: (وهي اللفظة التي استفيد من الشرع وضعها للمعنى).
(سؤال)
ينبغي أن يقول: من صاحب الشرع؟ لأن الشرع هو الرسالة، والرسالة لا تضع لفظا، إنما يتصور الوضع من صاحب الشرع الذي هو الله تعالى.
قوله: (كان اللفظ والمعنى مجهولين في اللغة أم لا)؟
تقريره: أن العلماء قالوا: إن العرب لم تعرف لفظ (المنافق) إنما عرفت (النافقاء)، وهو باب بيت اليربوع، يستره بيسير من تراب، ويكون بعيدا من غيره، فإذا اضطره الصيادون دخل من بابه المعروف، وخرج من ذلك الباب، والصياد لا يعلم، فالمنافق لما كان يظهر الإيمان، ويبطن الكفر، حصل له ذلك الشبه فسمى منافقا، فاللفظ مجهول، والمعنى أيضا مجهول؛ لأن الشرع نقل مخالفة الظاهر للباطن للمخالفة الخاصة بين الكفر والإيمان الخاص، وهذا لم يكن معلوما لهم بخصوصه، والمعلومان؛ كالزكاة، وإخراج المال- كانا معلومين، ولم يضعوا لفظ الزكاة لإخراج المال، بل
الصفحة 824
4245