كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 2)

تقريره: أن لفظ (قرآن) على هذا التقدير دائر بين جميع أجزاء القرآن، والمطلق يتأدى بصورة كما تقول: عند زيد ماء حلو لا يلزم أن جميع الماء، حلو؛ لأن الحكم كان على مطلق الماء لا على كل ماء فقوله تعالى: {قرآنا عربيا}] يوسف: 2 [يحتمل أنه أراد به الجزء الذي في القرآن عربي دون ما هو غير عربي.
قوله: (الحروف التي في أوائل السور ليست عربية).
قلنا: لا نسلم بل هي عربية؛ لأنه قد تقدم في حد الكلام أن العرب وضعت كل لفظة من هذه اللفظات لحرف من حروف الكلم، فالقاف للحرف الأول من قال،] الألف للثاني، واللام للثالث منه [، فجميع الحروف التي في أوائل السور موضوعة وضعا عربيا، وجمعها في أوائل السور كجمع كلمات عربية في اسم علم، فلو سمى شخص بإنسان طير سمك لم يقل أحد: إن هذا الاسم عجمي بل عربي، نعم يمنعه الصرف للتركيب والعلمية لا العجمة، فكذلك هذه الحروف التي في أوائل السرر كلها عربية.
(التنبيه)
العجب، من نقضهم بأربع كلمات فيها النزع وهي: المشكاة، والإستبرق، والقسطاس، والسجيل، والكلمات العجمية في القرآن كثيرة جدا، فقد قال النحاة: أسماء الملائكة كلها عجمية إلا أربعة: منكر، ونكير، ومالك، ورضوان، وأسماء الأنبياء كلها عجمية إلا أربعة: شعيب، وصالح، وهود، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعليهم أجمعين، فعلى هذا كل نبي أو ملك ذكر اسمه في القرآن فهو أعجمي، وكذلك ما ذكر مضافا من العجم غير هؤلاء نحو: فرعون، وهامان، وقارون، وآذر، وهو كثير، فالكلمات العجمية في القرآن مجمع عليها، ولا تحتاج لهذا التكلف، والقرآن إنما هو عربي باعتبار تراكيبه، واستعمالاته، ونظمه لا باعتبار جميع مفرداته.

الصفحة 833