كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 2)

قوله: (إن ضم الحرف لما ينبغي ضمه إليه فهو مجاز في التركيب، لا في المفرد، وإن ضم لما ينبغي ضمه إليه فهو حقيقة).
قلنا: قد يضم لما ينبغي ضمه إليه من حيث اللفظ، بأن يركب مع لفظ وضعته العرب ليركب معه، ومع ذلك يكون مجازا لا حقيقة، قوله تعالى: {لقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم}] الأعراف: 11 [، -فثم- وضعت للتراخي في الزمان، وأن ما بعدها يكون واقعا في الزمان بعد الذي قبلها متراخيا عنه، مقتضى هذه القاعدة، أن يكون أمر الملائكة بالسجود متأخرا بالزمان عن خلقنا وتصويرنا، والواقع خلافه، فتعين المجاز، كذلك قوله تعالى: {ثم كان من الذين آمنوا}] البلد: 11 [بعد قوله: {فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة}] البلد: 13 - 15 [.
وأجمعت الأمة على أن الأمر بالإيمان متقدم على الأمر بالإعتاق والإطعام، فيتعين المجاز، وكذلك قول الشاعر] الخفيف [:
إن من ساد ثم ساد أبوه .... ثم ساد قبل ذلك جده
وقال الأدباء: معنى هذا البيت أن الشاعر أراد الإخبار بأن هذا وإن عظمت سيادته فلم تأته السيادة عن كلالة بل ان أبوه أعظم منه، وجده أعظم من أبيه، فصار المذكور بعد (ثم) واقعا قبلها، وهذا خلاف الوضع الأصلي، فاختلف الأدباء في هذا المقام.

الصفحة 894