كتاب نفائس الأصول في شرح المحصول (اسم الجزء: 2)

وأما الدلالة التصديقية، فهي كقولنا: زيد قائم ونحوه من القضايا خبرا أو طلبا.
ثم نقول: التفاسير لمسميات الألفاظ كلها كذلك، فإن كان الإنسان عالما بمدلول اللفظة لم يجز أن يفسر له؛ لأنه تحصيل الحاصل.
فقد منع ابن السراج- في كتاب (الأصول) في النحو- أن يقال: النار حارة، والثلج بارد لمن هو عالم بذلك، وإن كان السامع لا يعلم ذلك حسن التفسير له، وكذلك ها هنا، وكل حد مع محدوده كذلك، فإنا إذا قلنا: الإنسان هو الحيوان الناطق، مع أنه لا معنى للإنسان إلا الحيوان الناطق يلزم ما ذكره من التكرار، فلو كان هذا محذورا انسد باب التحديد، وهو باطل.
قوله: (إذا كانت موضوعة لمطلق القادر لا لقادر معين، لم يكن التعيين واقعا في مفهومات الألفاظ، بل في إسناد مفهوماتها إلى غير ما هو مسند إليه).
قلنا: وهذا هو المجاز في التركيب لغة؛ لأن اللفظ إذا وضع ليركب مع لفظ من هو قادر من حيث الجملة، فركب مع لفظ من لا قدرة له البتة، كان هذا التركيب على خلاف الوضع اللغوي، فكان مجازا في التركيب، فإنا لا نعني به إلا ذلك، كما أن لفظ السؤال لما وضع ليركب مع لفظ من يصلح للإجابة، فلما ركب مع لفظ القرية التي لا تصلح للإجابة في مجرى العادة، كان مجازا في التركيب، فكذلك ها هنا.
قوله: (فإن قلت: ما الفرق بين هذا المجاز وبين الكذب)؟
تقرير السؤال: أنه أسند الإنبات إلى الأرض، وهو غير مطابق للوضع اللغوي، فهو كمن قال: الواحد نصف العشرة في عدم المطابقة، فيلزم التسوية بينهما، واعلم أن هذا السؤال لا يخص المجاز في التركيب، بل

الصفحة 918