قال الداودي: أي يقصه كما في الحديث، وهو أن يظهر حرف الشفة العليا وما قاربه من أعلاه ويأخذ فاسدها فوق ذلك (¬1) وينزع ما قارب الشفة وجانبي الفم ولا يفعل من القص إلا هذا وقيل: الإحفاء الحلق، وهو قول الكوفيين، ودليل الأول قوله: "قص الشارب".
قال: وقد يحتمل الإحفاء الوجهين، وإذا كان أحد الحديثين مفسرًا فغني عن المبهم، وفي الحديث أنه قال في الخوارج: "سيماهم التسبيت" (¬2)، وهو حلق الشارب من أصله، واحتج مالك لهذا بأن (عمر) (¬3) كان إذا كربه أمر فتل شاربه ونفخ (¬4).
فلو كان الاستئصال لم يجد ما يفتل، وقيل: أطلق الشارع لأمته الوجهين الحلق بقوله: "أحفوا" والقص بقوله: "قص الشارب".
قال مالك: حلق الشارب مُثْلَةٌ، ويؤدَّب فاعله (¬5).
فصل:
قوله: ("خمس من الفطرة .. ") إلى آخره، وقد سلف الكلام عليه، وروينا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} قال ابتلاه بالطهارة خمس في الرأس، وخمس في الجسد: السواك والمضمضة والاستنثار (¬6).
¬__________
(¬1) من (ص2).
(¬2) سيأتي برقم (7562) كتاب التوحيد، باب قراءة الفاجر.
(¬3) في (ص2): (ابن عمر).
(¬4) "التمهيد" 21/ 66.
(¬5) "الاستذكار" 26/ 241، "التمهيد" 21/ 63 - 64.
(¬6) رواه البيهقي 8/ 325.