كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 28)

روى يحيى بن سعيد عن ابن عجلان قال: رآني عثمان بن عبيد الله بن رافع أخذت من شاربي أكثر ما أخذت منه، إلى أن أشبه الحلق فنظر إلى، فقلت: ما (تنكر) (¬1) تنكر؟ قال: ما أنكر شيئًا، رأيت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذون شواربهم شبه الحلق.
قلت: من هم؟ قال: جابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وابن عمر وسلمة بن الأكوع وأنس - رضي الله عنه -.
وهو قول الكوفيين (¬2)، و (قالوا) (¬3): الإحفاء هو الحلق، والحلق أفضل من التقصير في الرأس والشارب، واللغة تساعده.
قال الخليل: أحفى شاربه: استأصله واستقصاه، وكذا قال ابن دريد: حفوت شاربي أحفوه حفوًا استأصلته: أخذت شعره (¬4).
حجة الأولين أن القص لا يقتضي الاستئصال.
قال صاحب "الأفعال": يقال: قص الشعر والأظفار: قطع منها بالمقص (¬5)، ولما جاء عنه "أحفوا"، وجاء عنه القص، واحتمل احفوا الاستئصال و (القص) (¬6)؛ لأن من أحفى بعض شاربه دخل في عموم الحديث إذ لم يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن المراد الجميع ولم يحتمل القص الاستئصال علم أن المراد أخذ البعض، ورجح على الاستئصال، وأجابوا عنه بأنا نجوزهما.
¬__________
(¬1) في (ص2): (تكره).
(¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 227 - 228 (25489) باختلاف يسير في ألفاظه، والقائل هناك عبيد الله بن أبي رافع وليس عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع.
(¬3) في (ص2): (قال).
(¬4) "جمهرة اللغة" 1/ 557 مادة: (حفو).
(¬5) "الأفعال" ص 54.
(¬6) في الأصل: (النقص).

الصفحة 112