ووجه كونه لم يبلغ الشيب إلا قليلاً، لأنه توفي وهو ابن ثلاث وستين والشيب (غالبًا) (¬1) يكون بعد ذلك قال أنس: توفي على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء (¬2). قال أبو جحيفة: كان أكثرها في عنفقته. زاد غيره: وصُدغيه، والعنفقة: الشعر الذي بين الشفة والذقن وشمطاته شيبة.
والمخضب (بكسر الميم) (¬3) المركن، وهي الإجانة التي تغسل فيها الثياب.
والجلجل: قال الداودي: هو الحق، روى النضر بن شميل، عن إسرائيل، عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: كان عند أم سلمة جلجل من فضة فيه شعرات من شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان إذا أصاب أحدًا عين أو اشتكى بعث بإناء فحصحص الشعر في الإناء، ثم يشربه ويتوضأ منه، فبعثني أهلي فاطلعت فيه، فإذا شعرات حمر (¬4). وإنما حصحصته لتبقى بركة الشعر في ذلك الماء، فيشربه المعين، إذا وصب فيدفع (الله) (¬5) عنه ببركة ذلك الشعر ما به من شكوى.
وقوله: (مخضوبًا). قال الداودي: إنما رأى حمرة الشعر من الطيب وظن أنه مصبوغ، لكن روى ابن أبي عاصم من هذا الوجه بلفظ: مخضوب بالحناء والكتم.
قلت: واختلفت الآثار، هل خضب أم لا؟ فقال أنس -كما مرَّ-: لا، وهو قول مالك وأكثر العلماء، وقال عثمان بن موهب: إن أم سلمة
¬__________
(¬1) من (ص2).
(¬2) "مسند أبي يعلى" 6/ 318.
(¬3) من (ص2).
(¬4) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" 4/ 172 - 173 (1959).
(¬5) من (ص2).