كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 28)

الحسنة، ولو كان لباسهما في المقابر لا يجوز لبين الشارع ذلك لأمته، وقد يجوز أن يأمره بخلعهما لأذى كان فيهما، ولغير ذلك، يوضحه قوله - عليه السلام -: "إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم" قاله الطحاوي (¬1)، قال: وثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى في نعليه، فلما كان دخول المسجد بالنعال غير مكروه، وكانت الصلاة بهما غير مكروهة كان المشي بها بين القبور أحرى بعدمها (¬2).
فصل:
وأما الصفرة، فقد روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يصبغ بها لحيته. وروي عنه أنه كان يصبغ بها ثيابه. روى ابن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج أنه قال لابن عمر: رأيتك تصفر لحيتك، فقال: فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصفر بالورس، فأنا أحب أن أصفر به كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع، وهو في الكتاب بلفظ: يصبغ بالصفرة، فأنا أحب أن أصبغ بها (¬3).
قال ابن التين: قيل: معناه: يصفر لحيته، وقيل: ثيابه، وقال: من تأوله بصفرة الثياب قال: إن مالكًا قال: لم يصبغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع أن ابن عمر كان يأمر بشيء من زعفران ومشق فيصبغ به ثوبه فيلبسه، قال عبد الرزاق: وربما رأيت معمرًا يلبسه (¬4).
¬__________
(¬1) "شرح معاني الآثار" 1/ 510
(¬2) "شرح معاني الآثار" 1/ 511 - 512.
(¬3) رواه ابن ماجه (3626)، وابن أبي شيبة 5/ 185، وابن سعد 4/ 179، 4/ 181، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
(¬4) "المصنف" 11/ 78 (19968).

الصفحة 34